للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمثالهم من أهل العلم = نَقَلُوا عن هؤلاء أنهم أفتوها بكفارة يمين.

وابن حزم قد سَلَّمَ أَنَّ هذا صحيح عن ابن عمر وعن عائشة وأم سلمة؛ فابن جرير يصحح أَنَّ أم سلمة أم زينب هي ممن أفتى بكفارة يمين، وابن عبد البر يقول: بل زينب هي التي أفتت بذلك، فإن كانت كلاهما أفتت بذلك فحسن، وإِنْ كانت المفتية بذلك إحداهما (١)، فلا ريب أنها زينب، كما جاء ذلك في الروايات الثابتة، وفيها أنها أفتت بكفارة يمين.

فَتَبَيَّنَ أَنَّ عدمَ ذكر ذلك في الرواية المذكورة عن سليمان لا يدل على شيء أصلًا، ولو لم ينقل أنهم أفتوها بكفارة يمين، فليس في قول القائل: (خَلِّي (٢) بين الرجل وامرأته) ما يدل على أنه لا كفارة عليها، بل فيه أَمْرٌ لها بأنْ لا تُصِرَّ على اليمين بل تحنث فيها، ولم يَنْقُلْ أحدٌ أنهم أفتوها بلزوم ماحلفت به لا في العتق ولا في غيره، فالروايات المعروفة الصحيحة لم يعارضها شيء أصلًا، بل قد تبيَّن أنهم أفتوها بكفارة يمين؛ كما قاله جماهير العلماء الناقلين للإجماع والاختلاف.

وابن جرير قبل ابن حزم، وهو موافق له على ألا كفارة في ذلك، لكن هو معترف بأن هؤلاء الصحابة إنما أفتوها بكفارة يمين.

وقد تقدم قوله (٣) لمن ادعى إجماعًا أَنَّ القائل: كل مملوك [له] (٤) حُرٌّ


(١) في الأصل: (أحدهما)، والوجه ما أثبتُّ.
(٢) في الأصل، (خَلِّ)، وسبق التنبيه عليها مرارًا.
(٣) أي: قول ابن جرير الطبري في كتابه (اللطيف).
(٤) يحتمل وجود كلمة هنا غير ظاهرة في الأصل، تقديرها ما أثبتُّهُ.