للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِنْ فعلت كذا يقع به العتق ولا كفارة عليه، وأنه قال: إِن ادعوا [٥٨/ أ] في ذلك إجماعًا، قيل لهم: لا عِلْمَ لكم باختلاف أهل العلم، وقد رُوِيَ عن ابن عمر وعائشة وحفصة وأم سلمة وعطاء وطاووس والقاسم وسالم وجماعة يَكْثُرُ عددهم من أئمة الصحابة والتابعين أنَّ في ذلك كفارة يمين (١).

وهذا النقل عن القاسم بن محمد يُعَارِضُ نَقْلَ ابن حزم عنه أنه لا شيء عليه (٢)، وكذلك نَقَلَ عن ابن المسيب خلاف ما نقل عنها (٣)، وما نقله ابن حزم من إثبات ذلك فهو منقول، وكذلك ما نقله ابن جرير؛ فلا يكاد القائل يغلط في الإثبات إلا قليلًا، وأكثر الغلط في النفي.

فقول (٤) ابن حزم: (إنهما أسقطا الكفارة) غلطٌ بلا ريب، وما نقله عن عائشة - رضي الله عنها - من موافقة ذلك لم يذكر إسناده (٥)، وقد ثبت عن عائشة من الوجوه الثابتة باتفاق أهل العلم أنها كانت تقول في مثل ذلك بكفارة يمين، وهذا معروف عنها من غير وجه (٦)،

فلا يعارض بنقل لم يثبت أو لفظ لم


(١) تقدمت الإشارة إلى ذلك في (ص ١٤١).
(٢) المحلى (ص ٩٩١).
(٣) كذا في الأصل.
وانظر: المحلَّى (ص ٩٩١)، السنن الكبير للبيهقي (٢٠/ ١٧٢/ ح ٢٠٠٦٤).
(٤) في الأصل: (يقول)، والصواب ما أثبتُّ.
(٥) حيث قال في المحلى (ص ٩٩١) بعد أنْ ساق حديث أبي رافع مع مولاته: (ومن طريق عائشة ــ أم المؤمنين ــ فيمن قال لغريمه: إنْ فارقتك فمالي عليك في المساكين صدقة ففارقه: إنَّ هذا لا شيء يلزمه فيه).
(٦) رواه عبد الرزاق في مصنفه (٨/ ٤٨٣/ ح ١٥٩٨٧) عن ابن جريج، عن عطاء، عن صفية، عن عائشة.

ورواه البيهقي في السنن الكبير (٢٠/ ١٧١/ ح ٢٠٠٦١) من طريق سلمة بن كهيل، عن عطاء، عن عائشة دون ذكر صفية.
ورواه الدراقطني في سننه (٥/ ٢٨١/ ح ٤٣٢٠) من طريق غالب بن عبيد الله، عن عطاء، عن عائشة مرفوعًا بزيادات فيه. قال الدارقطني: غالب ضعيف الحديث.
وسيأتي ــ قريبًا ــ تفصيل الروايات عن عائشة في كلام المجيب.