للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصحابه كأبي يوسف وغيره من المشهورين بالفتيا في البصرة والكوفة، ولم يبلغه أنَّ أبا حنيفة رجع عن ذلك ووافقه محمد بن الحسن لشهرة العمل بهذا القول في الحجاز والعراق.

ثم قال: وإنْ كان في ذلك اختلاف بينَ متقدمي الأئمة من الصحابة والتابعين وبينَ متأخري أهل الحجاز بإيجاب بعضهم في ذلك إذا حلف كفارة يمين، وهذا يريد به خلاف الشافعي ــ رحمه الله تعالى ــ لمالك - رحمه الله - وغيره من الحجازيين؛ إذ كان الشافعي يوجب في ذلك كفارة يمين، فأثبتَ الخلاف المتقدم بين الصحابة والتابعين والمتأخرين الحجازيين، ولم يكن ابن جرير يَعْتَدُّ بخلاف المتأخرين كالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عُبَيد وأبي ثور وغيرهم إن لم يجد في ذلك نزاعًا قديمًا، وكذلك إسماعيل بن إسحاق (١) [٦٢/ أ] القاضي (٢)

وأمثاله لا يعتدون بخلاف الشافعي ونحوه.

وأحمد بن حنبل كان لا يعتد إلا بخلاف الصحابة والتابعين بعدهم، لا يعتد بخلاف من بعدهم، ولا يكاد يذكر أقوالهم إلا على سبيل المتابعة، لأنَّ الصحابة والتابعين قد تكلموا في عامة الحوادث، قَلَّ عنده أن تقعَ واقعة إلا وقد تكلم الصحابة - رضي الله عنهم - فيها أو في نظيرها، وكان لكثرة علمه بأقوال


(١) كتب الناسخ (وكذلك إسحاق) وتحت (وكذلك) كتب (إسماعيل بن) وبعدها (صح).
(٢) إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل الأزدي، أبو إسحاق، فقيه مالكي، قاضي بغداد، صنف تصانيف عدة في اللغة والفقه والحديث، توفي سنة (٢٨٢).

انظر: تاريخ بغداد (٧/ ٢٧٢)، شذرات الذهب (٣/ ٣٣٤)، سير أعلام النبلاء (١٣/ ٣٣٩)، الإرشاد في معرفة علماء الحديث (٢/ ٦٠٧).