للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الصحابة والتابعين [١٠٠/ أ] أنه قال: كل طلاق معلَّقٍ يقع، ولا كل طلاق محلوف به يقع.

وإن كان النقل بالقياس جائزًا؛ فإنه يجوز أن يُنقل عنهم أن التعليق الذي يُقْصَد به اليمين هو يمين، ليس هو طلاقًا ولا عتاقًا ولا نذرًا ولا كفرًا، بل فيه كفارة يمين، فإنهم نَصُّوا على صورٍ متعددة من هذا النوع، وجعلوا هذا التعليق يمينًا مكفرة، وأمروا فيه بالكفارة التي تجب في اليمين (١).

فكان النقل عن الصحابة والتابعين الذين جعلوا التعليق الذي يقصد به اليمين يمينًا مكفرة أنهم يفتون في ذلك بكفارة يمين، سواء حلف بالعتاق أو الطلاق أو غيرهما، لا سيما مع تسويتهم بين الحلف بالعتق وغيره = أولى من أن ينقل عنهم أنهم قالوا: كُلُّ مَنْ عَلَّقَ طلاقًا بصفة فإنه يلزم، أو كل من حلف بالطلاق فإنه لم يلزم، مع أنه لم ينقل عن أحد منهم هذا العموم، وإنما نقله مَنْ نَقَلَهُ من إفتائهم في بعض صور ذلك، وجعل المسكوت كالمنطوق بالقياس، ثم قد يكون الذي أفتوا فيه من التعليق الذي لا يقصد به اليمين، فجعل هذا الناقل قولهم في التعليق الذي يقصد به اليمين كذلك، وهذا غلط عليهم.

وكذلك مَنْ نَقَلَ عن أحد من الصحابة الفرق بين الحلف بالطلاق والعتاق وغيرهما فقد غلط عليه، ومن نَقَلَ عن أحد منهم الفرق بين الحلف بالعتق والطلاق فغلطه واضح، لا سيما مع اعترافه بفساد هذا الفرق.


(١) انظر في تخريج المذاهب بالقياس: التخريج عند الفقهاء والأصوليين (ص ٢٣٢)، وتحرير المقال فيما تصح نسبته للمجتهد من الأقوال (ص ٥١)، والتمذهب (١/ ٢٨٤، ٥٣٨).