وكل من نقل إجماعًا في التعليق أو الحلف فهو أولًا إنما يَعلم قول بعض المجتهدين في تلك الأقوال، ليس فيها لفظ عام لا في التعليق ولا في الحلف، بل قاس المسكوت على المنطوق، ولم يعلم عن غيرهم نزاعًا؛ فكان نقله مبنيًا على مقدمتين:
إحداهما: نقل مذاهبهم بالقياس الصحيح تارة والفاسد أخرى.
والثانية: عدم علمه بالمنازع لا علمه بعدم المنازع؛ فأيُّ النقلين أَحَقُّ بالاتباع؟ هذا أو من ينقل ألفاظهم بأعيانها الدالة على أنهم يجعلون التعليق الذي يقصد به اليمين يمينًا مكفرة، ويجعل ما سكتوا عنه من الأيمان بمنزلة ما أفتوا فيه، مع أنه موجود عن بعضٍ لفظٌ [١٠٠/ ب] عام في الحلف بالطلاق؛ كقول طاووس:(ليس الحلف بالطلاق بشيءٍ)، ومع أنه قد ثبت عن طاووس في تعليق العتق الذي يقصد به اليمين وتعليق النذر وما كان من هذا النحو: أنه يمين مكفرة؛ فعنه نَصٌّ عامٌّ في الحلف بالطلاق، ونصٌّ في الحلف بالعتق والنذر وما كان مثله: أنه يمين مكفرة.
ومعلومٌ لمن تدبر هذه (١) الأقوال: أَنَّ من نقل عن هؤلاء الصحابة والتابعين أنهم يقولون في تعليق الطلاق الذي يقصد به اليمين أنه يمين ليس بطلاق لازم = كان نقله أصح وأثبت مِنْ نَقْلِ مَنْ نَقَلَ عن أحد من الصحابة والتابعين أن كل طلاق معلَّق بالصفة أو كل طلاق محلوف به يلزم.