بين الحلف بالعتق وغيره باتفاق العلماء، ولم يَحْكِ هذا عنهم لا أحمد ولا غيره، ولكن فعله الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وهؤلاء الأئمة ــ رضوان الله عليهم ــ إذا كان النقل عنهم بتكفير الحلف بالعتق وغيره ثابتًا وباللزوم وغيره ثابتًا هو نظير ما فعله بعض التابعين من الفرق بين العمريتين.
فإنَّ الصحابةَ نُقِلَ عنهم في الحلف بالعتق والنذر جوابان: أحدهما: تكفير الجميع، والثاني: الإلزام بالجميع [١٠٣/ ب]؛ فهؤلاء فَرَّقُوا بين العتق وغيره؛ فألزموا الحالف بالعتق دون غيره، كما فَرَّقَ ابن سيرين بين العمريتين.
والصحيح في مثل هذا: أنه لا يجوز التفريق بين ما سَوَّى الصحابة بينه مع اتحاد المأخذ؛ فإنَّ المأخذ أَنَّ التعليق الذي يقصد به اليمين هل هو يمين أم لا؟ فإنْ كان يمينًا فهو يمين في الجميع، وإن لم يكن يمينًا فليس بيمين في الجميع، والصحابة نُقِلَ عنهم هذا وهذا، لكن النقل عنهم بأنه يمين أثبت وأكثر طُرُقًا، وهو منقول عنهم في قضايا متعددة بخلاف هذا.
وبتقدير صحة الجوابين: فالصواب موافقتهم؛ إما في هذا وإما في هذا، وأما التفريق بين ما جمعوا بينه مع اتحاد المأخذ فهذا (١) يُضَعَّفُ كضعف قول من فَرَّق بين العمريتين، وهذا المفرِّق ذهب إلى ما لم يذهب إليه أَحَدٌ من الصحابة من التعليل بمجرد تفضيل الأم على الأب.
كما أَنَّ هؤلاء المفرِّقين بين العتق وغيره ذهبوا إلى ما لم يذهب إليه أَحَدٌ من الصحابة من تعليل الحلف بالعتق بأنه وقوعٌ معلَّقٌ بالصفة، بخلاف النذر
(١) في الأصل: (فليس)، وهي تعكس المعنى، فلعل الصواب ما أثبت.