للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قول المعترض: (متى لا يوجب الحنث وقوع المحلوف به في الحلف المحض أو في الحلف الذي في ضمن التعليق؟).

يقال له: ليس معك في كتاب ولا [١٤٣/ ب] سنة ولا إجماع ولا قياس أَنَّ الحانث يلزمه طلاق ولا عتاق، بل النصوص كلها تدل على أَنَّ الحالف الحانث إنما عليه التكفير، وتفريقك بين حانث وحانث بمجرد حكاية مذهب وقولك: إنَّ هذا ممنوع = لا فائدة لك فيه، فإنه قد علم أنك تمنعه، لكن الشأن في أن تجيب عن أدلة المستدل أو تقيم (١) دليلًا على هذا الفرق إما مُعَارِضًا به وإما مبتدئًا به، وكلا الأمرين منتفٍ، فلا ينفعك مجرد المنع مع قيام حجة المنازع من الكتاب والسنة والاعتبار على أن التكفير بالحنث في أيمان المسلمين. قال تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: ٨٩]، وقال تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢]، فجعل التَّحِلَّة لمسمى أيمان المسلمين؛ فَعُلِمَ أَنَّ المعنى [المؤثر في تحلة (٢) اليمين] (٣) كونها يمينًا من أيمان المسلمين.

وكذلك قوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} يقتضي أَنَّ هذا كفارة لما هو من أيمان المسلمين، فالمؤثر في جواز الكفارة = كون العقد يمينًا من أيمان المسلمين، والكفارة في اليمين له أن يكفر قبل الحنث وبعده، ولهذا سماه الله تحلة، وتحليلها قبل الحنث أوكد، لكن إنما يجب إذا حنث.


(١) غير واضحة في الأصل، ولعل ما أثبتُّ هو الصواب.
(٢) وتحتمل: (تحليل).
(٣) هكذا قرأتها.