للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تحتاج الآية إلى إضمار كما يقوله بعضهم (١): إذا حلفتم فحنثتم، فإنه لم يوجب الكفارة لمجرد اليمين، بل بَيَّنَ أن هذا كفارة اليمين المحلوف بها، وهي كفارة لها سواء كَفَّرَ أو لم يكفر، لكن إِنْ كَفَّر انحلت يمينه وإلا فهي معقودة.

والمكفِّر إنما يكفر يمينه، فيزيل بالكفارة ما كانت اليمين سببًا له من الإثم الذي أوجبه عقدها إذا حنث، والحنث شرط في وجوب الكفارة، كما أَنَّ العَوْدَ شرطٌ في استقرار كفارة الظهار.

وقول المجيب: إنما يوجب الحنثُ التكفيرَ كسائر صور الأيمان؛ لم يذكره لمجرد القياس، بل لأن نصوص الكتاب والسنة بينت أَنَّ الحنث في الأيمان إنما يوجب التكفير في جميع صور أيمان المسلمين، لم تفرق النصوص بين يمين ويمين، ولا بين صيغة وصيغة إذا كانت الأيمان من أيمان المسلمين المعقودة [١٤٤/ أ] المحترمة، وهي ما يقصد بها تعظيم الله بعقدها به أو له، دون ما يقصد بها تعظيم المخلوق بأن يعقد به أو له، فإنه يمين غير محترمة ولا كفارة في الحنث فيها؛ فصارت هذه الأيمان داخلة في نصوص الكتاب والسنة لفظًا ومعنى.

وأيضًا؛ فلو ذكر ذلك قياسًا، فالجامع بينهما هو الجامع بين نذر اليمين وبين الحلف باسم الله، وهو أنه هَتَكَ حرمة أيمانه بالله بالحنث حيث عقد لله أو بالله عقدًا ولم يوف به، وهذا المعنى هو المؤثر في الشرع بدليل ثابت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كفارة النذر كفارة يمين» رواه مسلم (٢)،


(١) هو أبو ثور؛ كما تقدم في (ص ٧).
(٢) تقدم في (ص ٩٢).