للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه لم يغلط؛ فهو لم ينقل عنهم، ولا معه نقل مسند عن كُلِّ واحدٍ واحدٍ، بل غايته أنه نَقْلٌ مرسل.

وأيضًا؛ فإنه نَقْلٌ اجتهادي يُعرف بالاستقراء والتتبع مثل: ما يستقرئه النحوي من قوانين كلام العرب، فينفي أَنَّ في كلامهم عطف على الضمير (١) المجرور بدون إعادة حرف الجار، وقد يكون في كلامهم ما لم يبلغه كقولهم: ما فيها غيره وفرسه (٢).

وكذلك نقل المحدث لمن روى الحديث من الصحابة، فقد يقول: لم يروه إلا فلان وفلان، ويكون قد رواه غيرهم، وهو لم يبلغه.

ونقل الخلاف في مذاهب الأئمة، كقول القائل: لا يختلف مذهبه في كذا وكذا، وقد يكون فيه خلاف لم يبلغه.

ونقل مذاهب المتكلمين والنحاة والأطباء، فكثيرًا ما يقول القائل: اتفق المتكلمون أو النحاة أو الأطباء على كذا، ويكون فيه نزاع لم يبلغه.

وإذا كان كذلك؛ فخطأُ الناقل لها هو أبلغ من نقل الإجماع [الذي] (٣) يُعلم بالاستدلال، فكيف لا يعلم خطؤه في نقل الإجماع بالاستدلال؟ لا سيما وعمدته في نقله ظَنُّهُ عدمَ النزاع، بل نفس العلم بالإجماع مما ينظر بالاستدلال: هل يمكن أم لا يمكن؟

فإذا كان الكلام في جنس الإجماع، وإمكانه، وإمكان العلم به


(١) في الأصل (الظمير).
(٢) الإنصاف في مسائل الخلاف (ص ٣٧١)، أوضح المسالك (٣/ ٣٤٨).
(٣) إضافة يقتضيها السياق.