للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاستدلال، فَلِمَ لا يجوز الكلام في إجماع معين وإمكانه وإمكان العلم به، ووقوع ذلك بالاستدلال؟

والناس قد تكلموا في إجماع الصحابة ــ رضوان الله عليهم ــ على جواز (١) القياس: هل فيه إجماع أم لا؟ وكلٌّ من الطائفتين تكلمت في ذلك بالاستدلال؛ فطائفة أثبتت إجماعهم عليه بالاستدلال، وطائفة نازعت في ذلك (٢).

ولما ادعى قومٌ الإجماع السكوتي، فقال: إِنَّ بعضهم إذا قال قولًا فانتشر في الناس ولم ينكروه صار إجماعًا، نازعهم آخرون في دعوى هذا الإجماع بالاستدلال، وقالوا: لا ينسب إلى ساكت قول، وقالوا: قد يكون سكوتهم لكذا وكذا (٣).

وما زال الناس يَدَّعِي أحدهم [١٨٢/ ب] إجماعًا، ويقيم الآخر الدليل على بطلانه؛ فإنَّ الناس تنازعوا في إجماعات متعددة هل هي إجماعات يجب اتباعها؛ كإجماع التابعين على أحد قولي الصحابة، وكإجماعهم إذا لم ينقرض العصر حتى تنازعوا، وكإجماع التابعين دون الصحابة، وكإجماع الجمهور، وكإجماع العلماء دون العامة، أو دون العالم بالأصول والحديث، وكالإجماع المنقول بخبر الواحد ونحو ذلك.

فإذا قُدِّرَ أَنَّ ناقلًا نقل إجماعًا ومستنده اعتقادُهُ بعضَ هذه الإجماعات أنها


(١) كتب الناسخ فوقها (كذا)، وفي الهامش: أظنه (خلاف).
(٢) أصول السرخسي (٢/ ١١٨)، القواطع في أصول الفقه (٣/ ٨٧١)، كشف الأسرار (٣/ ٤٣٢).
(٣) انظر: قاعدة (لا ينسب لساكت قول) وتطبيقاتها الفقهية، للدكتور أحمد بن محمد السراح.