معكم فإبلي هدي وماشيتي أضاحي وَدُوْرِي وقف ومالي صدقة ونحو ذلك؛ فإنه تجزئه كفارة يمين، والمعلَّق هنا حكمٌ في أعيانٍ موجودةٍ خارجةٍ عن ذمته، ليس المعلَّق مجرَّد التزامٍ في الذمة؛ ومع هذا فلا يلزم إذا قصد به اليمين = فعلم أَنَّ كونَه التزامًا وصف عديم التأثير.
الثاني: أنه إذا قال: إِنْ شفى الله مريضي فعليَّ أَنْ أحج أو أتصدق بألف درهم أو أصوم شهرًا ونحو ذلك مما يلتزمه في نذر اليمين= لزمه بالنص والإجماع، وهو التزام في الذمة وقد لزمه بالنص والإجماع لَمَّا قَصَدَ به النذر، فعلم أَنَّ كونه التزامًا في الذمة لا يمنع من لزومه إذا قام المقتضي للزومه، فلما لم يُلزمه به في صورة نذر اليمين عُلِمَ أنه لم يكن ذلك لكونه التزامًا.
الثالث: أَنْ يقال: كل مُعَلِّقٍ لا بُدَّ أنْ يلتزم شيئًا في الذمة؛ لكن تارة يكون مُطْلَقًا كقوله: لله ــ تعالى ــ عليَّ أَنْ أعتق عبدًا، وتارة يكون معيَّنًا كقوله: لله عليَّ أَنْ أعتق هذا العبد، أو فهذا العبد حر. فإنَّ قوله: فهذا العبد حر وإِنْ كان يَعْتِقُ بنفس وجود الصفة، فقد أوجب ذلك عليه في ذمته اعتقاد حُرِّيَّتِهِ وامتناعه من استعباده واسترقاقه، وهذا فعل يجب عليه في ذمته، وهو غير المعين الذي اتصف به العبد، بل هذا حكمه ومقتضاه.
وكذلك؛ إذا قال: فهذه الشاة أضحية أو هذا البعير هدي أو فهذا المال صدقة فإنَّ كونَهُ هديًا وصدقة يوجب عليه تسليمه إلى مستحقِّه، فيجب عليه في الهدي سوقه إلى مكة وذبحه هناك، وكونه أضحية يوجب ذبحها في عيد النحر ويقسم لحمها، وكون المال صدقة يوجب عليه صرفه إلى مستحقيه.