للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك كون المرأة مطلقة يوجب عليه اعتقاد تحريمها عليه وامتناعه من الاستمتاع بها وتخلية سبيلها وهو التسريح بالإحسان [٢٢٢/ ب] الذي أوجبه الله ــ تعالى ــ على المطلِّقِ في كتابه حيث قال: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: ٤٩]، وحيث قال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩].

لكن في الهدي والأضحية والوقف والحبس يجب عليه فعلٌ مع الكَفِّ، وفي العتق والطلاق يجب عليه الكف والإمساك، والفعل تابع لذلك.

لكن كثرة الواجب هناك لا يُضْعِفُ وجوبه بل يقويه، فإذا كان مع قوته يَسقط مع قصد اليمين، فالواجب القليل أن يسقط مع قصد اليمين أولى وأحرى.

الرابع: منع افتراقهما في الوصف الفارق؛ وذلك أَنَّ الوجوب الثابت في الذمة لا يمكن دفعه بعد وقوعه، كما أَنَّ الطلاق والعتاق لا يمكن دفعه بعد وجوبه، وإنما يمكَّنُ من فِعْلِ الواجب وتركه، كما يتمكن من إرسال العبد والمرأة وحبسهما، فأما نفس وجوب الفعل فلا يمكن دفعه، كما لا يمكنه دفع الوقوع.

الخامس (١): أَنَّ هذا الفرق عكس ما طلبه؛ فإنَّ الوجوب في الذمة أوسعُ طرقًا وأثبت، والوقوع له شروط وموانع أكثر من الوجوب في الذمة (٢)؛ فثبوت الالتزام أقوى من ثبوت الوقوع وأوسع، ولهذا كان ما ثبت


(١) في الأصل: (الوجه الخامس)، وحذفت كلمة (الوجه) لئلا يشتبه بالأوجه التي ذكرها في أول جوابه، وليكون مشابهًا لأوجه بيان بطلان فرق المعترض.
(٢) انظر ما تقدم (ص ٥٧٣).