للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أهل الجدل مَنْ فَرَّقَ بين المنع المشهور والمنع الخفي، وهذه نزاعات في الاصطلاحات الجدلية أيها أقرب إلى المقصود بالجدل المشروع الذي مقصوده بيان (١) الحق وإقامة حجته على المسترشد الطالب للعلم وعلى المخالف الجاحد للحق.

وإن أراد إثبات حكم الأصل بقياس؛ فهل له ذلك؟ فيه قولان للناس معروفان، هما قولان في مذهب أحمد وغيره، فمن منع ذلك قال: هو تطويل، أو قياس فاسد، فإنه إِنْ قاسَ على الثاني بالعلة التي بها قاسه على الأول فتطويل، وَإِنْ كان بغير تلك فالقياس فاسد. وَمَنْ جَوَّزَ ذلك؛ فقال بعضهم: هذا يجوز كتعليل الحكم بعلتين؛ وهو ضعيفٌ، لأنَّ مِنْ شَرْطِ القياس اشتراك الفرع والأصل في العلة، فإذا كان الأصل الثاني إنما أثبته بعلة الأول = امتنع أَنْ يقيس عليه بغير تلك العلة، فإنه لم يثبت الحكم فيه بها.

ولكن الصحيح أَنَّ هذا يجوز؛ لكون مشاركة الفرع للأصل الثاني أظهر، ولجواز أَنْ يقيس في الأول بقياس العلة وفي الثاني بقياس الدلالة وبالعكس، أو بقياس أحدهما بإبداء الجامع وفي الآخر بإلغاء الفارق والعلة في القياسين واحدة، ويجوز أَنْ يثبت الحكم بقياس مع شمول نص الأصل للفرع لتوارد دليلين على مدلول واحد فكذلك هنا؛ يقاس الفرع بالأصل الأول وبالأصل الثاني.

وإن كان حكم الأصل ــ أيضًا ــ مجمعًا عليه بين الأمة جاز القياس عليه،


(١) هكذا قرأتها.