للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالف عَقْدَهُ، وإنْ لم يوجد لا الشرط ولا الجزاء لم يكن قد خالف عقده، وأما إذا وجد الشرط دون الجزاء فقد خالف عقده؛ فلزمته الكفارة.

فالحنث الموجبُ للكفارة عينًا هو: مخالفةُ عَقْدِهِ بوجود الشرط دون الجزاء، لكن هو إذا قال: إِنْ فعلتُ كذا فعليَّ الحج؛ فمقصوده: منعُ نفسِهِ من الفعل وجَعْلُ الحج لازمًا له إذا فعل لئلا يفعل، فإذا وجد الفعل فقد يُسمى حانثًا كما يسمى حانثًا إذا حلف ألا يفعل وفعل، ولكن إذا وجد الفعل وَقُدِّرَ مع ذلك أنه حَجَّ فقد وفّى بموجب عقده فلم يحنث وليس عليه شيء آخر، ولكن هو إذا فعل جاء يستفتي لينظر أيلزمه الحج أم لا يلزمه؟

فَظَنَّ هؤلاء المتأخرون الغالطون المخالفون لإجماع السلف أنه بالفعل صار حانثًا الحنث الموجب للكفارة فألزموه الكفارة عينًا، وَظَنَّ هذا المعترض الغالط أَنَّ قول هؤلاء هو قول الصحابة والتابعين الذين أفتوا بالكفارة في هذه الأيمان كعمر وابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم - وغيرهم؛ وهذا غلط عليهم، فإنَّ قول هؤلاء الصحابة هو القول الذي نَصَرَهُ الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما، وهم يفتون بالكفارة، ولو فَعَلَ ما عَلَّقَهُ لم يكن عليه شيء آخر بلا ريب، وهكذا نَقَلَ عنهم عامة العلماء من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهم مثل: أبي حامد الإسفراييني الذي يعتمد على نقله، فإنه قال: (وعندنا أنه مخيَّر بين أَنْ يفي بما نذره أو يُكَفِّر كفارة يمين، وبه قال: عمر وابن عمر وابن [٢٥٥/ أ] عباس وعائشة وحفصة وزينب بنت أم سلمة ربيبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن التابعين عطاء وطاووس والحسن، ومن الفقهاء أبو عبيد وأحمد وإسحاق وأبو ثور).