للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنذور مباحًا أو معصية أو طاعة، لكن إِنْ [كان] (١) طاعة وجب الوفاء بها، وَإِنْ كان معصية حرم ولزمته الكفارة، وَإِنْ كان مباحًا فهو مخيَّر كما يخيَّر لو حلف عليه، وعليه الكفارة إذا تركه. وفي الواجب وجهان: أصحهما أَنَّ عليه كفارة يمين إذا تركه مع ما عليه في تركه لو لم ينذره، فإنَّ النذر زاده توكيدًا.

وأما مذهب الشافعي - رضي الله عنه - المنصوص عنه؛ فإنه لا شيء عليه في نذر المعصية والمباح، وهو رواية عن أحمد - رضي الله عنه -.

ولهذا كان قول الشافعي - رضي الله عنه - أنه إذا نَذَرَ ذَبْحَ نفسِهِ أو ولده فلا شيء عليه، والجمهور يوجبون عليه إما كفارة يمين وإما الهدي، كما ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٢)، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد ومالك وغيرهم - رضي الله عنهم -، وهو ثلاث روايات عن أحمد؛ أصحها: أنه إِنْ نَذَرَهُ كان عليه هدي، وَإِنْ حَلَفَ عليه أَجزأَه كفارة يمين، وعلى هذا تدل عامة نصوصه، والآثار المنقولة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - توافقُ هذا.

وأبو حنيفةَ نَقَلَ عنه طائفة أَنَّ نذر المعصية فيه كفارة يمين، فالمباح بطريق الأولى، لكن الذي ذكره أصحابه أنه إِنْ كان مقصوده بالنذر اليمين، فعليه كفارة يمين، وهذا ــ والله أعلم ــ هو الذي قَصَدَهُ الخراسانيون من أصحاب الشافعي، وإلا فهو مخالفة صريحة لنصوص الشافعي.

فإذا كان المنذور مباحًا وقصده بالنذر اليمين، مثل أَنْ يقول الرجل: لله عليَّ أَنْ أطلق امرأتي أو أسافر من هذه المدينة أو آكل من هذا الطعام ونحو


(١) إضافة يقتضيها السياق.
(٢) تقدم تخريجه في (ص ٣٤٨).