للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، فإنَّ عامة هذا يَقْصِدُ به الناذر حَضَّ نفسه على الفعل، لا يقصد به التقرب إلى الله ــ تعالى ــ، فإنه يعلم أَنَّ هذا ليس بقربة، فيكون هذا بمنزلة قوله: والله لأطلقنَّ امرأتي أو لأسافرنَّ أو لآكلنَّ فيلزمه كفارة يمين بهذا الاعتبار، وهذا [٢٦٣/ ب] كلامٌ صحيح، وهو مذهب أحمد وأبي حنيفة وغيرهما.

فكذلك لو نَذَرَ المعصية يقصد بذلك اليمين، كما يقول: لله عليَّ أَنْ أقتل فلانًا، وَإِنْ أظفرني الله بفلان فلله عليَّ أَنْ أقتله ونحو ذلك، وهو لا يقصد التقرب بقتله، بل يَقصد حضَّ نفسه على القتل؛ كما قال [ ... ] (١):

فليتَ رجالًا منكِ قد نذروا [دمي] (٢)

وقال [ ... ] (٣):

والنَّاذِرِينَ إذا لَقِيتُهُمَا [دَمِي] (٤)

فنذر هؤلاء كان معناه معنى اليمين، لم يقصدوا بذلك التقرب إلى الله ــ تعالى ــ، فهذا فيه كفارة يمين.

وأما إذا قصد التقرب بالمباح أو المعصية إلى الله ــ تعالى ــ بأنْ يعتقد


(١) بياض مقدار كلمة، وفي «التحقيق» (٥٤/ أ): جميل بن معمر.
(٢) كذا قرأتها، وفي ديوان جميل بثينة (ص ١٢٤):
فليت رجالًا فيكِ قد نذروا دمي ... وهَمُّوا بقتلي يا بثينُ لَقُونِي
(٣) بياض مقدار كلمة، وفي «التحقيق» (٥٤/ أ): عنترة العبسي.
(٤) كذا قرأتها، وفي ديوان عنترة (ص ٢٢٢):
الشَّاتِمِي عِرْضِي ولم أَشْتُمْهُمَا ... والناذرينَ إذا لم أَلْقَهُمَا دَمِي