للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقال ذلك، إذا أريد بالقول غايةُ المدح، ولقد وهب لرجلٍ ألفَ بعير. فلمّا رآها تزدحم في الهوادي قال: أشهد أنّك نبيٌّ. وما هذا مما تجودُ به الأنفُسُ.

وأجْمعتِ الأممُ كلُّها بخيلُها وسخيُّها وممزوجُها على ذمِّ البخل، وحَمْدِ الجود، كما أجمعوا على ذمِّ الكذب وحَمْدِ الصدق.

فمن أراد أن يخالف ما وصف الله - جلَّ ذكرُه - به نفسَه، وما منح من ذلك نبيَّه صلى الله عليه وسلم، وما فَطرَ على تفضيله العربَ قاطبةً، والأممَ كافةً، لم يكن عندنا فيه إلا إكفارُهُ واستسقاطُه.

ولَمْ نرَ الأمةَ أبغضت جواداً قطّ ولا حقَرَتْه، بل أحبّته وأعظمته، بل أحبّت عَقِبَه وأعظمت من أجله رَهْطَه. ولا وجدناهم أبغضوا جواداً، لمجاوزته حدَّ الجود إلى السَّرف، ولا حقَرَتْه، بل وجدناهم يتعلمون مناقبَه، ويتدارسون محاسنَه، وحتى أضافوا إليه من نوادِرِ الجميل ما لم يفعله ونَحَلوه من غرائب الكرم ما لم يكن ليبلغَه، ولذلك زعموا أن الثناء في الدنيا يُضاعف كما تُضاعف الحسنات في الآخرة. نعم، وحتى أضافوا إليه