للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونقصِ عقولهم، وقلّةِ معرفتهم، لكان ينبغي لفارسَ أن تكونَ أبخلَ من الرّوم وتكونَ الرومُ أبخلَ من الصّقالبة، وكان ينبغي في الرجال، في الجملة، أن يكونوا أبخلَ من النساء، في الجملة، وكان ينبغي للصبيان أن يكونوا أسخى من النساء، وكان ينبغي أن يكونَ أقلُّ البخلاء عقلاً، أعقلَ من أشدِّ الأجوادِ عقلاً؛ وكان ينبغي للكلب - وهو المضروب به المثل في اللؤم - أن يكونَ أعرفَ بالأمور من الديك، المضروب به المثلُ في الجود.

ونحن لا نجد الجوادَ يَفِرُّ من اسم السّرفِ إلى الجودِ، كما نجد البخيلَ يَفِرُّ من اسم البخلِ إلى الاقتصاد. وتجد الشجاعَ يَفرّ من اسم المنهزم، والمستحي يفرّ من اسم الخجل. ولو قيل لخطيب ثابت الجَنان: وقاحٌ لجزع - فلو لم يكن من فضيلة الجود إلا أن جميع المتجاوزين لحدود أصناف الخير يكرهون اسم تلك الفضيلة - إلا الجواد، لقد كان في ذلك ما يبين قدرَه، ويظهر فضلَه.

ولو كانوا لأولادهم يجمعون، ولهم يكدّون، ومن أجلهم يحرصون، لجعلوا لهم كثيراً ممّا يطلبون، ولتركوا محاسبتَهم في كثيرٍ ممّا يشتهون.