للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لبنيه: يا بَنيَّ، احفظوا

عني ثلاثاً، فلا أحد أنصحُ لكم مني، إذا أنا مِتُّ فسوِّدوا كبارَكم ولا تسوِّدوا صغارَكم، فيحقِّرَ الناسُ كبارَكم وتهونوا عليهم، وعليكم بحِفظ المال، فإنّه مَنْبهةٌ للكريم ويُستغنى به عن اللئيم، وإيّاكم والمسألةَ فإنها أخرُ كَسْبِ الرّجل. . . سوِّدوا كباركم: فالسيّد هنا الرئيس أي أسندوا رياستكم إلى كباركم، ومنبهة الكريم: أي مُشْعرٌ بقدره ومُعْلٍ له، وقوله: فإنها أخر كسبِ الرجل فأخر بقصر الهمزة: أي أدنى وأرذل، وإذا مُدّ فمعناه: أن السؤال آخر ما يكتسب به المرء عند العجز عن الكسب، وقد جاء في الحديث (إيّاكم والمسألة فإنها أخر كسب الرجل)، فلعل قيساً أخذها من سيّدنا رسول الله، لأن قيساً ممن أسلم ونزل البصرة وفي الحديث أيضاً: (من سأل وهو غنيٌّ جاءت مسألته يومَ القيامة خُدوشاً أو خُموشاً أو كُدوحاً في وجهه) الكدوح: الخُدوش، وكل أثرٍ من خدش أو عَضٍّ فهو كدح وقال صلوات الله عليه: (إن أحدكم يخرج بمسألته من عندي متأبِّطاً، وما هي إلا النار)، فقال عمر رضي الله عنه: ولِمَ تعطيه وهي نارٌ؟ فقال: (يأبون إلا أن يسألوا ويأبى اللهُ لي البخلَ). . وقالوا: إيّاك وطلبَ ما في أيدي الناس فإنّه فقرٌ حاضر، وقال ابن المقفّع: السّخاء سخاءان: سخاؤك بما في يدك، وسخاؤك بما في أيدي الناس، وهو أمْحضُ في