هذا استعاروا العُروة لكل ما يُلجأ إليه ويُعوّل عليه ويوثق به ويُتمسك؛ فيقال لقادة الجيش: العُرى، والصحابة رضوان الله عليهم: عُرى الإسلام، وقوله تعالى:{فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا}؛ شُبِّه ما يُعتصم به من الدين بالعروة التي يُتمسّك بها ويُلجأ إليها، والوُثقى: المُحْكمة، فقول ابن المقفع: استوثقوا: أي أحكموها وقال البحتري:
يَزيدُ تَفضُّلاً وأزيدُ شُكْراً ... وذلك دأبُهُ أبداً ودأبي
وقال عمرو بن مَسْعَدة: لا تصحب من يكون استمتاعُه بمالِك وجاهِك أكثرَ من إمتاعِه لك بشكرِ لسانِه وفوائدِ عمله. وقال يحيى بن أكثم: كنت عند المأمون فأتيَ برجلٍ تُرْعَد فرائصُه، فلما مثل بين يديه قال المأمون: كفرتَ نعمتي ولم تشكُرْ معروفي! فقال: يا أمير المؤمنين، وأين يقع شُكْري في جنبِ ما أنعم اللهُ بك عليَّ! قال يحيى: فنظر إليّ المأمون وقال متمثلاً:
ولو كان يَسْتغْني عن الشُّكْرِ ماجِدٌ ... لِرفعةِ قَدْرٍ أَوْ عُلوِّ مكانِ
لَمَا أمَرَ اللهُ العبادَ بشُكْرِه ... فقال: اشْكروا لي أيُّها الثَقَلانِ
ثم التفت إلى الرجلِ وقال: هلاَّ قلت كما قال أصرمُ بن حُمَيْد: