للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا لأن ذو الضَّعف والوهن فلم يدفع ضَيْماً ولم يحمِ حقيقة، ومُراد الشاعر تَهْييجُ قومِه على الانتقام له من أعدائه لا إلى ذَمِّهم، والحفيظة: الغضب والحميّة والمنع للشيء الذي ينبغي أن يُحافَظَ عليه. وقوله: قومٌ إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهم فإبداءُ الشرّ نواجذَه مثلٌ لشدّته وصَوْلته، وذلك أن السَّبُعَ إذا صال أو شدَّ كَشّر عن أنْيابِه، فشبَّه

الشَّرَّ به في حال شدّته، وطاروا إليه يريد: أسرعوا إليه، ووُحْدانا جمع واحد كراكب ورُكبان، والزَّرافات: الجَماعات، يقول في هذا البيت. إنهم لحرصهم على القتال وحبّهم إيّاه لا ينتظر بعضُهم بعضاً، لأنّ كُلاًّ منهم يعتقد أنّ الإجابة تعيَّنَتْ عليه، فإذا سَمِعوا بذكر الحرب أسرعوا إليها مُجتمعين ومُتفرِّقين، ومثله قول حُمَيْد بن ثور الهلاليّ الصَّحابي:

قَوْمٌ إذا هَتَفَ الصَّريخُ رأيْتَهُمْ ... ما بينَ مُلْجِمِ مُهْرِه أو سافِعِ

وقوله: لا يسألون أخاهم. . . البيت يقول: إذا دُعوا إلى الحرب أسرعوا إليها غير سائلين من دعاهم لها، ولا باحثين عن سَببها، لأنّ الجبانَ رُبّما تعلَّل بذلك فتباطأ عن الحرب. ونحوه قولُ سلامة بن جندل:

إنّا إذا ما أتانا صارِخٌ فَزِعٌ ... كانَ الصراخَ لهُ قَرْعُ الظّنابيبِ

يقول سلامة: إذا دعانا إلى إعانته أجَبْناه إليها مُجدّين، والظُّنوب: عَظْمُ الساق، يقال: قَرَعَ لهذا الأمرِ ظُنوبَه: إذا جدَّ فيه