للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُرَيْطُ بنُ أُنيف - شاعر إسلامي - وكان ناسٌ من بَني شيبان قد أغاروا عليه فأخذوا له ثلاثينَ بعيراً فاستنجد قومَه فلم يُنْجدوه فأتى مازنَ تميم فركب معه نفرٌ فأطْرَدوا لبني شيبان مائةَ بعيرٍ فدفعوها إليه فقال هذه الأبياتَ التي افتتح بها أبو تمام حماسته:

لَوْ كُنْتُ مِنْ مازنٍ لَمْ تَسْتَبِحْ إبِلي ... بَنو الشّقيقةِ مِنْ ذُهْلِ بنِ شَيْبانا

إذاً لَقامَ بِنَصْري مَعْشَرٌ خُشنٌ ... عِندَ الحَفيظةِ إنْ ذو لَوْثةٍ لانا

قَوْمٌ إذا الشَّرُ أبْدى ناجِذَيْه لهُمْ ... طاروا إليهِ زَرافاتٍ ووُحْدانا

لا يَسْألونَ أخاهُمْ حينَ يَنْدُبُهُمْ ... في النائِباتِ على ما قالَ بُرْهانا

لكِنَّ قَوْمي وإنْ كانوا ذَوي عَددٍ ... لَيْسوا مِنَ الشَّرِّ في شَيْءٍ وإنْ هانا

يَجْزونَ مِنْ ظُلْمِ أهْلِ الظُّلْمِ مَغْفِرةً ... ومِنْ إساءةِ أهْلِ السّوءِ إحْسانا

كأنَّ ربَّكَ لَمْ يَخْلُقْ لِخَشْيَتِه ... سِواهُمُ مِنْ جَميعِ النّاسِ إنْسانا

فلَيْتَ لي بِهِمُ قوماً إذا رَكِبوا ... شَنُّوا الإغارةَ فُرْساناً ورُكْبانا

بنو الشقيقة هي الروايةُ الصحيحةُ وإنْ كانت رواية شُرّاح الحماسة: بَنو اللقيطة، والشقيقة: امْرأةٌ من بَني ذُهْلِ بن شَيْبان، وبَنوها كانوا سيَّارةً مَرَدةً ليس يأتون على شَيْءٍ إلا أفسدوه، وأما اللقيطةُ فهْي امرأةٌ من فَزارة، هكذا زعم أبو محمد الأعرابيّ. والاستباحة: في معنى الإباحة وهي شِبْه النُّهْبَى، استباحه: انتهبَه حتّى لكأنّه مُباحٌ لا تَبِعَةَ عليه فيه، وخُشن جمع أخْشن وهو من صفات الرِّجال مَثَلٌ يُراد به امتناعُ الجانب وإباءُ الضَّيْم. ورجلٌ ذو لوثة: بطيءٌ مُتَمَكّث ذو ضعفٍ واسترخاء، يقول: لو لم أكن من بني العنبر وكنت من بني مازن ثمّ نالني من بني الشقيقة ما نالني من استباحتِهم إبلي لكان لي منهم من ينصُرُني عليهم ويأخذ بحقِّي اقتِساراً منهم