للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأخلاق، وأفاعيلِه المخلَّدة في هذه المعاني - والكلام يدخلُ بعضُه في بعض -: قال أبو العيناء ما رأيت رئيساً قطّ أفصحَ ولا أنطقَ من ابن أبي دُواد، وقال: كان ابن أبي دُوادٍ شاعراً مُجيداً، فَصيحاً بليغاً: وقد ذكره دِعْبِل بن عليّ الخزاعي - الشاعر العبقري -

في كتابه الذي جمع فيه أسماءَ الشعراءِ وروى له أبياتاً حِساناً. وقال أبو بكر الجرجاني: سمعت أبا العيناء الضّرير يقول: ما رأيت في الدُّنيا أقومَ على أدبٍ من ابن أبي دُواد - يريد أبو العيناء بالأدب هنا: أدب النفس - ما خرجت من عندِه يوماً قطُّ فقال: يا غلام خُذْ بيده، بل قال: يا غُلام اخرُجْ معه، فكنت أنتقد هذه الكلمة عليه، فلا يخلُّ بها ولا أسمعها من غيره. . . قالوا: وهو أول من افتتح الكلامَ مع الخلفاء، وكانوا لا يبدؤهم أحدٌ حتى يبدؤوه. وقال إبراهيم بنُ الحسن: كنّا عند المأمون، فذكروا من بايعَ من الأنصار ليلةَ العقبة، فاختلفوا في ذلك، ودخل ابن أبي دُواد، فعدَّهم واحداً واحداً بأسمائهم وكُناهم وأنسابهم، فقال المأمونُ: إذا استجلس الناس فاضلاً فمثلَ أحمد، فقال أحمد: بل إذا جالس العالِمُ خليفةً فمثلَ أمير المؤمنين، الذي يفهم عنه، ويكون أعلم بما يقوله منه. وقال أحمد بن عبد الرحمن الكلبي: ابن أبي دُواد رُوحٌ كلُّه من قرنِه إلى قدمِه. وقال لازونُ بن إسماعيل: ما رأيت أحداً قطّ أطوعَ لأحد، من المعتصم لابن أبي دُواد، كان - المعتصم - يُسأل الشيءَ اليسيرَ فيمتنع منه، ثم يدخل ابن أبي دُواد فيكلِّمه في أهله