(١) في جزيرة العرب -وهي أكبر جزيرة في العالم- ولد صلى الله عليه وسلم وبعث فيها وهاجر فيها وغزا فيها ومات فيها، لتكون إسلامية صرفة لا يجتمع فيها دينان ولا قبلتان ولا يجوز بناء الكنائس فيها ولا بيوتاً للنار، وفيها مركز الدنيا الذي هو مكة المكرمة وقبلة المسلمين، وفيها الحرمان اللذان لا يجوز تنفير الطير منها، ولا يعضد شوكهما، ولا يختلى خلاهما، وهما أسبق بيئة في العالم لحماية الحياة الفطرية، وسكانها هم أفصح الناس لساناً ومنطقاً، والقرآن الكريم نزل فيها وبلغة ساكنيها، وحدد الخليفة الراشد العادل عمر بن الخطاب مدة بقاء المشركين فيها بثلاثة أيام فقط لكي يشتري منهم المسلمون حاجتهم، وهي موطن الأمم القوية مثل عاد وثمود وسبأ، وهي مهد اللغة العربية القديمة (السامية)، وهي موطن قريش أشرف قبائل الدنيا والتي هي الأولى بالخلافة مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ اثْنَانِ، فالْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ، وأهل الشورى من المسلمين يختارون الإمام العادل العالم المجتهد والخبير المستنبط للأمور ويبايعونه من طريق الشورى وتعقد البيعة ببيان ماله وما عليه، وأهل الشورى هم أهل الشوكة ورؤساء الجند وشيوخ القبائل وأشراف الناس، وإن تولى على المسلمين حاكم فله السمع والطاعة في المعروف، ولو لم يكن من قريش، ولو كان عبداً. وكان عند العرب في الجاهلية من الأخلاق ما هو أنبل من أخلاق أهل الحضارة الغربية اليوم، فكان عندهم الكرم والنصرة والشجاعة، ولم يكن عند مشركي العرب نكاح المحارم الذي يفعله المجوس ولا نظام الطبقات كما عند الهنود، ولا ادعاء أن المسيح ابن مريم خلق السموات والأرض كما يقول النصارى، ولم يكن عندهم زنا المرأة الحرة. واختار الله لأمة الإسلام أفضل الرسل وأفضل الكتب، وأفضل اللغات والمواقع الجغرافية، وأفضل الكنوز والثروات والألوان وأفضل المقاييس والمعايير.