للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَانَ أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ إِذَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- هَمَزَهُ ولَمَزَهُ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ سُّورَةَ الهُمَزَة. أَمَّا أَخُوهُ أُبَيُّ بنُ خَلَفٍ فَجَاءَ يَوْمًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِعَظْمٍ بَالٍ، فَقَالَ: يا مُحَمَّدُ! أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ هَذَا بَعْدَ مَا أَرِمَ، ثُمَّ فتَّهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ نَفَخَهُ نَحْوَ رسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: نَعَمْ أنَا أقُولُ ذَلِكَ، يَبْعَثُهُ اللَّهُ وإِيَّاكَ بَعْدَمَا تَكُونَانِ هَكَذَا، ثُمَّ يُدْخِلُكَ النَّارَ. (١) فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ .. ) الآيات.

وَكَانَ الوَليدُ بنُ المُغِيرَةِ يَقُولُ: أيُنْزَلُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وأُتْرَكُ وأنَا كَبِيرُ قُرْيْشٍ وسَيِّدُهَا؟ ويُتْرَكُ أَبُو مَسْعُودٍ عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ سَيِّدُ ثَقِيفٍ، فنَحْنُ عَظِيمَا القَرْيَتَيْنِ، فنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ. أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ).

وقَالَ العَاصُ بنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ: دَعُوهُ، فإنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أبْتَرُ لا عَقِبَ لَهُ، لَوْ قَدْ مَاتَ لانْقَطَعَ ذِكْرُهُ واسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى في ذَلِكَ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}.

وقَالَ أَبُو جَهْلٍ -لَعَنَهُ اللَّهُ- يَوْمًا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ، يَزْعُمُ أَنَّهَا شَجَرَةٌ في النَّارِ يُقَالُ لَهَا شَجَرَةُ الزَّقُومِ، والنَّارُ تَأْكُلُ الشَّجَرَ، إِنَّمَا الزَّقُومُ التَّمْرُ والزُّبْدُ، هَاتُوا تَمْرًا وزُبْدًا وتَزَقَّمُوا، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ. طَعَامُ الْأَثِيمِ. كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ. كَغَلْيِ الْحَمِيمِ}.

وقَالَ أَبُو جَهْلٍ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: قَدْ نَعْلَمُ يا مُحَمَّدُ إنَّكَ تَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، ولا نُكَذِّبُكَ، ولَكِنْ نُكذِّبُ الذِي جِئْتَ بِهِ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}. وجَاءَ رُكَانَةُ بنُ عَبْدِ يَزِيدَ يُصارع الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَلاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ مَرَّةٍ عَلَى مِائَةٍ مِنَ الغَنَمِ، فَلَمَّا كَانَ في الثَّالِثَةِ، قَالَ: يا مُحَمَّدُ ما وَضَعَ ظَهْرِي عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ قَبْلَكَ، وَمَا كَانَ أَحَدٌ أبْغَضَ إِلَيَّ مِنْكَ، وأَنَا أشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وأنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقامَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورَدَّ عَلَيْهِ غَنَمَهُ.


(١) وقد قتَلهُ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ أُحُدٍ، وهو الوَحِيدُ الذي قتلهُ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلمَّا قتلَهُ: قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ على رَجُلٍ قتَلَهُ رسول اللَّه".

<<  <   >  >>