للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ (١) اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك. ثم انطلق بي جبريل إلى سدرة المنتهى، وإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كأنه قلال هجر، يخرج من ساقها أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان، فسألت جبريل، فقال: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران، فالنيل والفرات، قال: فلما غشيها من أمر الله ما غشيها، تحولت ياقوتاً، أو زمرداً، أو نحو ذلك، وغشيها ألوان لا أدري ما هي، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها. ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام، فأوحى الله إليّ ما أوحى، ففرض على أمتي خمسين صلاة في كل يوم وليلة. فرجعت بذلك حتى مررت على موسى، فقال: يا محمد، ماذا فرض ربك على أمتك؟، قلت: فرض عليهم خمسين صلاة كل يوم وليلة، قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك لا يطيقون ذلك، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم. فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك، فأشار إليه جبريل: أن نعم إن شئت، فَعَلا به إلى الجبار، فقال وهو مكانه: يا رب، خفف عنا، فإن أمتي لا تستطيع هذا، فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى، فقلت: وضع شطرها، فقال: راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته، فوضع شطرها، فرجعت إليه، فقال: ارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك يا محمد، والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هذا، فضعفوا فتركوه، فأمتك أضعف أجسادا، وقلوبا، وأبدانا وأبصارا، وأسماعا، فارجع فليخفف عنك ربك - كل ذلك يلتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جبريل ليشير عليه، ولا يكره ذلك جبريل - فرفعه عند الخامسة، فقال: يا رب، إن أمتي ضعفاء أجسادهم، وقلوبهم وأسماعهم، وأبصارهم، وأبدانهم، فخفف عنا، فقال الجبار: يا محمد، قلت: لبيك وسعديك، قال: إنه لا يبدل القول لدي كما فرضته عليك في أم الكتاب، إني قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي، وأجزي الحسنة عشراً، إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة، لكل صلاة عشر، فهي خمسون في أم الكتاب، وهي خمس عليك، ومن هم بحسنة فلم يعملها، كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشراً، ومن هم بسيئة فلم يعملها، لم تكتب شيئاً، فإن عملها، كتبت سيئة واحدة،


(١) جمع جنبذة، وهو ما ارتفع من البناء.

<<  <   >  >>