للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فنزلت حتى انتهيت إلى موسى، فقال: كيف فعلت؟، قلت: خفف الله عنا، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها، فقال موسى: قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضاً، فقلت: يا موسى، قد والله استحييت من ربي مما اختلفت إليه، قال: فاهبط باسم الله. فاستيقظ وهو في مسجد الحرام.

قال - صلى الله عليه وسلم -: لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِي، وَأَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ، فَظِعْتُ بِأَمْرِي، وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ فَقَعَدْتُ فِي الحِجْرِ مُعْتَزِلًا حَزِينًا، فَمَرَّ بِهِ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلٍ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ" قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: "إِنَّهُ أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ" قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ " قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟ قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ: فَلَمْ يُرِ أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ، مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ إِنْ دَعَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ تُحَدِّثُهُمْ مَا حَدَّثْتَنِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ". فَقَالَ: هَيَّا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ حَتَّى قَالَ: فَانْتَفَضَتْ إِلَيْهِ الْمَجَالِسُ، وَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا، قَالَ: حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثْتَنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ، قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟ " قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ، وَمِنْ بَيْنِ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، مُتَعَجِّبًا لِلكَذِبِ زَعَمَ قَالُوا: وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ؟ وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَرَأَى الْمَسْجِدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى سألتني قريش عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربة ما كربت مثله قط. فَرَفَعَهُ اللهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَنَعَتُّهُ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْه مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ". فَقَالَ الْقَوْمُ: أَمَّا النَّعْتُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَ.

<<  <   >  >>