للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَيَفِرَّنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِي الْجِبَالِ، يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا: خُرَاسَانُ، ويَخْرُجُ مِنْ خَلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَيَعِيثُ يَمِينًا وَيَعِيثُ شِمَالًا، يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا. ويَمُرُّ بِكُلِّ مَاءٍ وَمَنْهَلٍ إِلَّا الْمَدِينَةَ وَمَكَّةَ حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَيْهِ، يَسِيرُ مَعَهُ جِبَالُ الْخُبْزِ، وَأَنْهَارُ الْمَاءِ، وَالنَّاسُ فِي جَهْدٍ إِلَّا مَنْ تَبِعَهُ، وَمَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ، أَنَا أَعْلَمُ بِهِمَا مِنْهُ، نَهَرٌ يَقُولُ: الْجَنَّةُ، وَنَهَرٌ يَقُولُ: النَّارُ، أَحَدُهُمَا رَأيَ الْعَيْنِ مَاءٌ أَبْيَضُ، وَالْآخَرُ رَأيَ الْعَيْنِ نَارٌ تَأَجَّجُ، فَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ، فَمَاءٌ بَارِدٌ عَذْبٌ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ، فَنَارٌ تُحْرِقُ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِك مِنْكُمْ فلَا يَهْلَكَنَّ بِهِ، فَلْيَأتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغْمِضْ عَيْنَيْهِ ثُمَّ لْيُطَأطِئْ رَأسَهُ فَيَشْرَبْ مِنْهُ، فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ، فَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْجَنَّةَ، فَهُوَ النَّارُ، وَمَنْ أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّارَ، فَهُوَ الْجَنَّةُ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ، فَمَنْ وَقَعَ فِي نَارِهِ وَجَبَ أَجْرُهُ وَحُطَّ وِزْرُهُ، وَمَنْ وَقَعَ فِي نَهْرِهِ، وَجَبَ وِزْرُهُ، وَحُطَّ أَجْرُهُ.

وَيَبْعَثُ اللهُ مَعَهُ شَيَاطِينَ تُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولَ لِأَعْرَابِيٍّ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ؟، أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟، فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: يَا بُنَيَّ اتَّبِعْهُ، فَإِنَّهُ رَبُّكَ، وَيَأتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأمُرُ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطِرَ، فَتُمْطِرَ، وَيَأمُرُ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ، فَتُنْبِتَ، حَتَّى تَرُوحَ مَوَاشِيهِمْ مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ أَسْمَنَ مَا كَانَتْ، وَأَعْظَمَهُ، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ وَأَدَرَّهُ ضُرُوعًا، ثُمَّ يَأتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُكَذِّبُونَهُ وَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَلَا تَبْقَى لَهُمْ سَائِمَةٌ إلَّا هَلَكَتْ، وَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَتَتْبَعُهُ أَمْوَالُهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ وَيَنْطَلِقُ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، في زمن لا يكاد يجد الناس فيه ما يتقوتون به، ويكون التسبيح والتهليل يغني عن الطعام والشراب.

<<  <   >  >>