مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ؛ فَوَاللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فلَا يَزَالُ بِهِ حَتَّى يَتَّبِعَهُ، لِمَا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ. إِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ الْكَذَّابَ الْمُضِلَّ وَإِنَّهُ سَيَقُولُ: "أَنَا رَبُّكُمْ"، فَمَنْ قَالَ: "لَسْتَ رَبَّنَا، لَكِنَّ رَبَّنَا اللهُ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْهِ أَنَبْنَا، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّكَ"؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ سُلْطَانٌ. فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَتْفُلْ فِي وَجْهِهِ، وَلْيَقْرَأْ فَوَاتِحَ سُورَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ (١).
لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا: يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَيَوْمٌ كَالْأَيَّامِ، ثُمَّ سَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ؛ لَا تَكْفِي فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ، وَآخِرُ أَيَّامِهِ كَالسَّرَابِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ عِنْدَ بَابِ الْمَدِينَةِ فَيُمْسِي قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ بَابَهَا الْآخِرَةَ، تَقْدُرُونَ فِيهَا ثُمَّ تُصَلُّونَ، كَمَا تَقْدُرُونَ فِي الْأَيَّامِ الطِّوَالِ، وإِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، وَتُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ طَيَّ فَرْوَةِ الْكَبْشِ.
وَلَا يَقْرَبُ أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ: مَسْجِدَ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدَ الطُّورِ، ولَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، فلَا يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ، وَلَا الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللهُ.
ويَأتِي الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَهِمَّتُهُ الْمَدِينَةُ فَيَغْلِبُ عَلَى خَارِجِهَا وَيَمْنَعُ دَاخَلَهَا، وَقَامَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَبْوَابِهَا - وَلَهَا يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ - عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَكَانِ، فلَا يَأتِيهَا مِنْ نَقْبٍ مِنْ نِقَابِهَا، إِلَّا لَقِيَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّيُوفِ صَلْتَةً، حَتَّى يَنْزِلَ دُبُرَ أُحُدٍ، فَيَصْعَدُ أُحُدًا فَيَطَّلِعُ فَيَنْظُرُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيَقُولُ لِأَصْحَابِهِ أَلَا تَرَوْنَ إِلَى هَذَا الْقَصْرِ الْأَبْيَضِ، هَذَا مَسْجِدُ أَحْمَدَ، فَيَأتِي سَبْخَةَ الْجُرُفِ فَيَضْرِبُ رِوَاقَهُ ثُمَّ تَرْتَجِفُ الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ، فَلَا يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ، وَلَا فَاسِقٌ وَلَا فَاسِقَةٌ إِلَّا خَرَجَ إِلَيْهِ، فَتَخْلُصُ الْمَدِينَةُ وَذَلِكَ يَوْمُ الْخَلَاصِ.
(١) وورد في روايات أخرى: (مِنْ خَوَاتِيمِ سُورَةِ الْكَهْفِ)، (مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute