للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ، وإِنَّ الْمَقْتُولَ يَجِيءُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَاصِيَتُهُ وَرَأسُهُ فِي يَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا، حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنْ الْعَرْشِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، سَلْ عَبْدَكَ هَذَا لِمَ قَتَلَنِي؟ فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟، فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لِي، وَيَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟، فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ، فَيَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلَانٍ، فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ، فَيَقُولُ اللهُ - عز وجل - لِلْقَاتِلِ: تَعِسْتَ، وُيَذْهَبُ بِهِ إِلَى النَّارِ. وحُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالَ: يَا فُلَانُ، هَذَا فُلَانٌ قَدْ خَانَكَ فِي أَهْلِكَ، فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ (١). ومَنْ أَكَلَ بِمُسْلِمٍ أَكْلَةً، أَطْعَمَهُ اللهُ بِهَا أَكْلَةً مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ اكْتَسَى بِمُسْلِمٍ ثَوْبًا، كَسَاهُ اللهُ ثَوْبًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ قَامَ بِمُسْلِمٍ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ أَقَامَهُ اللهُ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ومَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِالزِّنَا وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَالَ؛ جُلِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَدَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ. والدَّيْنُ دَيْنَانِ، فمَنْ مَاتَ وهُوَ يَنْوِي قَضَاءَهُ، فَأَنَا وَلِيُّهُ، ومَنْ مَاتَ ولَا يَنْوِي قَضَاءَهُ، فَذَلِكَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ؛ لَيْسَ يَوْمَئِذٍ دِينَارٌ ولَا دِرْهَمٌ. يَقْتَصُّ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّى اللَّطْمَةُ، الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ تَنْطَحُهَا وَحَتَّى الذَّرَّةُ مِنْ الذَّرَّةِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ تَبِعَةً عِنْدَ وَاحِدَةٍ لأُخْرَى، قَالَ اللهُ: كُونُوا تُرَابًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}. ومَنْ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ؛ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ حَيْثُمَا ذَهَبَ، فَاتِحًا فَاهُ، وَهُوَ يَفِرُّ مِنْهُ، فَيَقُولُ: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا مَالُكَ الَّذِي كُنْتَ تَبْخَلُ بِهِ، أَنَا كَنْزُكَ الَّذِي خَبَأتَهُ. فَوَاللهِ لَنْ يَزَالَ يَطْلُبُهُ حَتَّى يُطَوَّقُهُ فَيَتَقِيهِ بِيَدِهِ، فَيَلْقَمُهَا، فلَا يَزَالُ يَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ، ثُمَّ يُتْبِعُهُ بِسَائِرِ جَسَدِهِ فَيَأخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ -يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ- حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ، بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ، سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَللهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}. لَا أَلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ (٢) لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، لَا أَلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ لَا أَلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَغِثْنِي،


(١) وفي الحديث:" .. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَا ظَنُّكُمْ، تُرَوْنَ يَدَعُ لَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا؟ ".
(٢) يعني من الْغُلُولَ.

<<  <   >  >>