للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَتَبَ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي (١)، وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ، نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأَحزابَ وَحْدَه. شَهِيدٌ (٢) لا يغيب عنه شيء، شَهِدَ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ، ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ، الذي يُجِلُّهُ كُلُّ مخلوقٍ، ويُكَرَّمُ بِعِبَادَتِهِ كُلُّ مخلوق، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}، حييٌ كريمٌ، قَرِيبٌ مُجِيبٌ، هُوَ الْمُهَيْمِنُ (٣)، وهُوَ خَيْرٌ حافِظاً، وهو عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ وحَسِيبٌ (٤).

هو الحَكَم، وإليه الحُكم، يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، وهُوَ الْحَقُّ (٥) وقَوْلُهُ الْحَقُّ، وهو الحكيم (٦) الْمُقَدِّمُ الْمُؤَخِّرُ، القَابِضُ البَاسِطُ، المُعْطِي الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، هو الْوَهَّابُ (٧)، يهب ما يشاء لمن يشاء كيف شاء، جوادٌ يحب الجُود، يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ، وهو المُسَعِّرُ الرَّزَّاقُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (٨)، وَهُوَ اللَّطِيفُ (٩) الخَبِيرُ (١٠)، الْفَتَّاحُ، مَا يَفْتَحْ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا، وهُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، أرْحَمُ الرَّاحِمينَ، هو الْحَنَّانُ يتحنَّنُ برحمته، كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، وَسِعَتْ رحمته كُلَّ شَيْءٍ، وهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد، ووسع رزقه الخلق أجمعين، فهو واسِعُ (١١) العظمة والسلطان والملك، وواسِعُ الفضل والإحسان، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ (١٢) ربُّ الملائكةِ والروحِ، جميلٌ يحبُّ الجَمَال، هُوَ السَّلامُ الذي سَلِم مِن كل عَيْبٍ ونَقْصٍ، ومنه السَّلامُ يُرْجَى وَيُطْلَب، رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ، سِتِّير، لا يستر على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة، وإِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ، هو الطبيب (١٣) الشَّافي، لا شفاء إلا شفاؤه، وهُوَ البَرُّ (١٤) الْغَفُورُ الْغَفَّارُ الوَدُوُد، الْوَلِيُّ وَالْمَوْلَى، وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا وَمَوْلَاهُم (١٥)، حَفِيٌّ بِعِبَادِهِ (١٦)، كافٍ عباده ما يحتاجون إليه (١٧)، هُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيل، يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ، وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا، وكَفَى بِهِ كَفِيلًا (١٨)، هُوَ المنَّانُ (١٩) يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ الذي يستعين به عباده فيعينهم، كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَنَاداهُ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ، وَكَتَبَ لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً، وَعَتَبَ عَلَيْهِ، يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ، وما أحدٌ أصبر (٢٠) على أذى سمعه من الله؛ يدَّعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم،


(١) أي: لأنتصرن أنا ورسلي.
(٢) يقال: شاهد وشهيد؛ كعالم وعليم؛ أي أنه حاضر يشاهد الأشياء ويراها، شهد لعباده وعلى عباده بما عملوه، و (شهد الله)؛ بمعنى: علم، وكتب، وقضى، وأظهر، وبيَّن.
(٣) أصل الهَيْمَنَة: الحفظ والارتقاب، يقال: إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده؛ قد هيمن فلان عليه؛ فهو يهيمن هَيْمَنَة، وهو عليه مهيمن.
(٤) معنى الحسيب؛ أي: الحفيظ، والكافي، والشهيد، والمحاسب.
(٥) من أسمائه تعالى: الحق، وهو المتحقق كونه ووجوده.
(٦) الحكيم: ذو الحكمة، وهي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم.
(٧) الهبة: العطية الخالية عن الأعواض والأغراض، فإذا كثرت؛ سمَّي صاحبها وهَّاباً.
(٨) الْمُقِيتُ: الذي يقدر لعباده القوت، ويحفظ عليهم رزقهم.
(٩) اللطيف: بمعنى الخبير بدقائق الأمور وما لطف وخفي منها، وبمعنى الرؤوف الذي يوصل الخير واللطف للخلق.
(١٠) الخبير: العالم بما كان وما يكون، والعالم بكنه الشيء، المطلع على حقيقته.
(١١) السعة: الغنى، والواسِع: الغني.
(١٢) أي: مُسَبَّحٌ مُقَدَّسٌ، والسُبُّوح: المنَزَّه عن كل عيب ونقص، والقُدُّوس: المطهر من كل ما لا يليق بالخالق.
(١٣) في حديث أبي رمثة رضي الله عنه؛ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرني هذا الذي بظهرك؛ فإني رجل طبيب. قال عليه الصلاة والسلام: (الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق، طبيبها الذي خلقها). وعن عائشة رضي الله عنها: (مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعت يدي على صدره فقلت: اذهب البأس، رب الناس، أنت الطبيب، وأنت الشافي .. ). والطِّبُّ: هو العلم بالشيء، يقال: رجل طَبٌّ وطبيبٌ؛ أي: عالمٌ حاذق.
(١٤) البَرُّ: العطوف على عباده ببرِّه ولُطْفِه.
(١٥) من الْوِلايَةُ والْمُوَالاةُ، أي: نصيرهم وظهيرهم، ويتولاهم بعونه وتوفيقه.
(١٦) الحفيِّ؛ أي: البَر اللطيف. أي: بارَّاً عوَّدهم منه الإجابة إذا دعوه.
(١٧) وفي الحديث: (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا؛ فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي له).
(١٨) الكفيل: الوكيل والحفيظ والشهيد والعائل والضامن.
(١٩) المنَّان أي: المعطي ابتداءً، والمِنَّة: النعمة الثقيلة.
(٢٠) حقيقة الصبر: منع النفس من الانتقام أو غيره؛ فالصبر نتيجة الامتناع، فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله تعالى.

<<  <   >  >>