للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الزركشي: والخلاف في آيات الوعيد والأحاديث الدالة على وعيد الفساق لا غير، على ما فهم من أدلتهم، وأمّا الأمر والنهي فلا خلاف فيهما. اهـ‍ (١).

ومذهبهم هذا كما هو ظاهر مبني على أصل عقديّ معلوم بطلانه - وليس هذا مجال مناقشته -، وفيه إبطال للنصوص الشرعية في هذا الباب، وإبطال لفائدة الإفهام منها، ولو فتح لهم الباب لما بقي الاعتماد على شيء من خبر الله وخبر رسوله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه ما من خبر إلا ويحتمل أن يكون المقصود منه أمرا وراء الإفهام، ومعلوم أن ذلك ظاهر الفساد (٢). واللفظ‍ بالنسبة إلى غير ظاهره لا يدل عليه فهو كالمهمل، والخطاب بالمهمل باطل (٣).

ثانيا - الصاوي المالكي (٤):

ذهب الصاوي في حاشيته على الجلالين إلى إبطال الأخذ بظاهر نصوص الكتاب والسنة، بل شطّ‍ حتى جعل الأخذ بظاهرهما من أصول الكفر، ففي تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ} [آل عمران: ٧] قال: أي كنصارى نجران ومن حذا حذوهم من أخذ بظاهر القرآن، فإن العلماء ذكروا أن من أصول الكفر الأخذ بظواهر الكتاب والسنة. اهـ‍ (٥).

وهذا القول بهتان عظيم، ومباهتة بيّنة قد تولى علماء الأمة الرد عليه، وسأكتفي بذكر بعض كلام العلامة محمد الأمين الشنقيطي في رده عليه، قال - رحمه الله -: فانظر رحمك الله، ما أشنع هذا الكلام وما أبطله، وما أجرأ قائله على انتهاك حرمات الله، وكتابه ونبيه وسنته صلّى الله عليه وسلّم، وما أدله على أن صاحبه لا يدري ما يتكلم به. فإنه


(١) البحر المحيط‍ (١/ ٤٦٠).
(٢) المحصول (١/ ٥٤٦/١).
(٣) البحر المحيط‍ (١/ ٤٦٠) وانظر المحصول (١/ ٥٤٦/١).
(٤) هو: أحمد بن محمد الخلوتي، الشهير بالصاوي، فقيه مالكي، له حاشية على تفسير الجلالين، توفي بالمدينة المنورة سنة إحدى وأربعين ومائتين وألف. انظر الأعلام (١/ ٢٤٦).
(٥) حاشية الصاوي على الجلالين (١/ ١٤٠). وانظر (٣/ ١٠) منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>