للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما حكى بعضهم القول بالترادف؛ لكنه يختار ويرجح القول بالتباين (١).

وأحيانا يحكي بعضهم القول بالترادف بصيغة التمريض منبها بذلك على ضعفه (٢).

وكل هذا يدل على اعتمادهم لمضمون هذه القاعدة.

***

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

من أمثلة هذه القاعدة قول المرجئة: إن الإيمان مرادف للتصديق، وقالوا: إن الله تعالى قال: {وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا} [يوسف: ١٧] أي بمصدق لنا، والإيمان في اللغة التصديق، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما خاطب الناس بلغة العرب، فيكون مراده بالإيمان التصديق، والتصديق يكون بالقلب واللسان، فالأعمال ليست من الإيمان (٣).

ومذهبهم هذا باطل، قد تولى أئمة الإسلام إبطاله، والرد عليه من وجوه كثيرة (٤)، أسوق منها محل الغرض، وهو إبطال دعوى الترادف بين لفظ‍ الإيمان، ولفظ‍ التصديق، تمثيلا لهذه القاعدة.

فمنها: أن هذه القاعدة تصحح القول بالتباين بين اللفظين.

فحمل ألفاظ‍ نصوص الوحي على التباين أرجح من حملها على الترادف في حالة ورود الاحتمالين، كما تقرر هذه القاعدة فكيف الحال إذا لم يرد الاحتمال، ولم تصح دعوى الترادف بين اللفظين لغة؟، وذلك أن لفظ‍ الإيمان يتعدى إلى الضمير


(١) انظر مثال ذلك في الإيمان لابن تيمية ص ١٦٩، والبحر المحيط‍ للزركشي (٢/ ١٠٦).
(٢) انظر على سبيل المثال مفاتيح الغيب (١٢/ ١٤)، والفتوحات الإلهية (١/ ٤٩٧)، وروح المعاني (٦/ ١٥٣).
(٣) انظر مجموع فتاوى ابن تيمية (٧/ ٢٨٩)، وانظر تفصيل أقوالهم وفرقهم في الفرق بين الفرق ص ١٩٠، والفصل (٣/ ٢٢٧)، والملل والنحل (١/ ١٦٢).
(٤) انظر هذه الوجوه في فتاوى ابن تيمية (٧/ ٢٩٠ - ٢٩٧)، وانظر الرد عليهم في الإبانة الكبرى لابن بطة (٢/ ٦٣٠)، وما بعدها، ولوامع الأنوار البهية (١/ ٤٢٢) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>