للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيأتي ذكر بعض أقوالهم في الأمثلة التطبيقية - إن شاء الله - تعالى -.

وهي قاعدة مشهورة عند علماء الأصول، فهم يقررون أنه إذا دار اللفظ‍ بين أن يكون زائدا أو متأصلا فإنه يحمل على تأصيله (١)، وهذه القاعدة من القواعد المتفرعة عن القاعدة الكلية «إعمال الكلام أولى من إهماله» كما هو مقرر في الأصول.

***

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

من أمثلة هذه القاعدة ما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً} [الأحقاف: ٢٦].

اختلف العلماء في «إن» في هذه الآية:

فقال بعضهم: هي شرطية، وجزاء الشرط‍ محذوف، والتقدير: إن مكناكم فيه طغيتم وبغيتم.

وهذا القول ضعيف؛ لأن فيه حذفا وتقديرا، وهو خلاف الأصل، ولا يصار إليه إلا بحجة واضحة، كما تقرر في قاعدة: «القول بالاستقلال مقدم على القول بالإضمار»، قال ابن عطية بعد حكاية هذا القول: وهذا تنطع في التأويل اهـ‍ (٢).

وقال آخرون: هي زائدة بعد «ما» الموصولة حملا ل‍ «ما» الموصولة على «ما» النافية؛ لأن «ما» تزاد بعدها لفظة «إن»، ويكون المعنى: مكناهم في مثل ما مكناكم فيه.

واستشهدوا على زيادة «إن» بعد «ما» النافية بوروده في شعر العرب، وبهذا قال ابن قتيبة (٣).

وقال آخرون: هي أصلية في الكلام، بمعنى النفي، أي: ولقد مكناهم في الذي


(١) شرح الكوكب المنير (١/ ٢٩٦)، وانظر شرح تنقيح الفصول ص ١١٢ - ١١٣.
(٢) المحرر الوجيز (١٥/ ٣٥).
(٣) انظر تأويل مشكل القرآن ص ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>