للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث:

تنازع القواعد المثال الواحد

هذا المبحث من المباحث المهمة جدا في الترجيح، إذ لا يكفي فقط‍ العلم بالقاعدة الترجيحية، بل لا بد من العلم بعدم منازعة غيرها لها في ترجيح أحد الأقوال.

وقبل الشروع في المقصد لا بد من تحرير مسألة اجتماع أكثر من قاعدة ترجيحية في مثال واحد، فالأمر لا يخلو من حالتين:

إما أن تكون هذه القواعد مجتمعة بعضها يؤيد بعضا في ترجيح قول واحد.

وإما أن يكون بعضها يرجح قولا وأخرى ترجح آخر.

فأما الأولى فهي من تعاضد القواعد وتقوية بعضها بعضا، فهي تزيد الترجيح قوة إلى قوة والأمثلة على ذلك كثيرة في ثنايا هذا الكتاب.

وأما الأخرى فهي المقصودة في هذا المبحث، وهي التي سيجري الكلام عليها في خطوط‍ عامة تنسج ترتيبها عند تنازعها، دون تفصيل وإطناب لا سيما في الأمثلة؛ لأنها سوف تأتي في مواضعها في ثنايا الكتاب. وتعارض وجوه الترجيح قد تكلم عليه الأصوليون، وقرروا ضابطا عاما في تقديم بعضها على بعض وهو تقديم ما قوي فيه الظن.

قال الزركشي: واعلم أن التراجيح كثيرة، ومناطها ما كان إفادته للظن أكثر فهو الأرجح، وقد تتعارض هذه المرجحات، كما في كثرة الرواة وقوة العدالة وغيره، فيعتمد المجتهد في ذلك ما غلب على ظنه. اهـ‍ (١).

وقال الشنقيطي: والمرجحات يرجح بعضها على بعض، وضابط‍ ذلك عند الأصوليين هو قوة الظن. اهـ‍ (٢).


(١) البحر المحيط‍ (٦/ ١٥٩)، وانظر كشف الأسرار عن أصول البزدوي (٤/ ١٦٤).
(٢) أضواء البيان (٥/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>