للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني:

قاعدة: إعادة الضمير إلى مذكور أولى من إعادته إلى مقدر

* صورة القاعدة:

إذا احتمل السياق إعادة الضمير إلى مذكور أو إعادته إلى مقدر، واختلف العلماء على الاحتمالين، فإعادة الضمير إلى المذكور أولى وأحسن؛ لأن الإعادة إلى المقدر مع إمكان الإعادة إلى المذكور فيه إخراج للآية عن نظمها دون موجب.

هذا في حالة احتمال الضمير للأمرين واختلاف العلماء على القولين، أما إذا لم يقع خلاف بين العلماء في إعادة الضمير إلى أحدهما فليس داخلا تحت هذه القاعدة (١)؛ لأنها قاعدة ترجيحية بين الأقوال المختلفة، ولا خلاف هنا.

***

* أقوال العلماء في اعتماد القاعدة:

هذه القاعدة من القواعد التي اعتمدها الأئمة، وهي جزء من قاعدة أعم منها


(١) مثال ما أعيد فيه الضمير إلى مذكور، ولم يقع فيه خلاف، قوله تعالى: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها [المائدة: ٤٥]، فالضمير في «عليهم» عائد على اليهود -[السابق ذكرهم]- بإجماع. الجامع لأحكام القرآن (٦/ ١٩٠)، وأضواء البيان (٢/ ١٠٢).
ومثله الضمير في «بهم» من قوله تعالى: وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨٣) [غافر: ٨٣] فهو عائد على الكفار بلا خلاف انظر المحرر الوجيز (١٤/ ١٦٠).
ومثال ما أعيد فيه الضمير إلى غير مذكور بلا خلاف، قوله تعالى: ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ [النحل:
٦١]. فالضمير في «عليها» راجع إلى غير مذكور وهو الأرض؛ لأن قوله «من دابة»، يدل عليه؛ لأن من المعلوم أن الدواب إنما تدب على الأرض. انظر أضواء البيان (٣/ ٢٨٩)، وزاد المسير (٤/ ٤٥٩).
وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم ق ٣ ج ١ ص ٣٩ وما بعدها. فقد جمع أمثلة كثيرة مما عاد فيها الضمير على غير مذكور لدلالة المعنى عليه. وانظر الكوكب الدّري ص ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>