للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وقال تعالى: {وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ}

[آل عمران: ١٦١]. وقال تعالى: {ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ} [آل عمران: ٧٩].

قال ابن حزم: في معرض استدلاله بهاتين الآيتين على عصمة الأنبياء: فوجدنا الله - تعالى - وهو أصدق القائلين قد نفى عن الأنبياء - عليهم السلام - الغلول والكفر والتجبر، ولا خلاف بين أحد من الأمة في أن حكم الغلول كحكم سائر الذنوب، وقد صح الإجماع بذلك، وأن من جوز على الأنبياء - عليهم السلام - شيئا من تعمد الذنوب جوز عليهم الغلول، ومن نفى الغلول نفى عنهم سائر الذنوب، وقد صح نفي الغلول عنهم بكلام الله - تعالى - فوجب انتفاء تعمد الذنوب عنهم بصحة الإجماع على أنها سواء والغلول. اهـ‍ (١).

٤ - وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين» (٢).

قال ابن حزم: فنفى - عليه السلام - عن جميع الأنبياء - عليهم السلام - أن تكون لهم خائنة الأعين، وهو أخف ما يكون من الذنوب، ومن خلاف الباطن للظاهر؛ فدخل في هذا جميع المعاصي صغيرها وكبيرها سرها وجهرها. اهـ‍ (٣)

والدلائل على عصمة الأنبياء كثيرة، أكتفي بما ذكرت طلبا للاختصار (٤).

* أقوال العلماء في اعتماد القاعدة:

اعتمد العلماء مضمون هذه القاعدة، ورجحوا بها أقوالا، وردّوا بها أخرى، لأجل ما رأوه من مخالفتها لعصمة النبوة، ولما علم من حال الأنبياء وعظم منزلتهم.


(١) الفصل (٤/ ٥١).
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب: الحدود، باب: الحكم فيمن ارتد (٤/ ١٢٨). والنسائي، كتاب: تحريم الدم، باب الحكم فيمن ارتد (٧/ ١٠٦). وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود حديث رقم (٤٣٥٩)، وفي صحيح سنن النسائي حديث رقم (٣٧٩١).
(٣) الفصل (٤/ ٥٤).
(٤) انظر الفصل لا بن حزم (٤/ ٥١ - ٥٩) وعصمة الأنبياء للرازي ص ١٩ - ٢٤. ومفاتيح الغيب (٣/ ١٠٨)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (١٠/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>