للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن «أمّ» لا يجمع على «إمام»، هذا قول من لا يعرف الصناعة ولا لغة العرب اه‍ (١).

ومما يدل على بطلان هذا القول - أيضا - ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذ جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان» (٢).

فقوله: «هذه غدرة فلان بن فلان» دليل على أن الناس يدعون في الآخرة بأسمائهم وأسماء آبائهم، وهذا يرد على من قال: إنما يدعون بأسماء أمهاتهم (٣).

ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم» (٤).

إذا تقرر هذا، فإبطال هذا القول بهذه القاعدة هو المقصود من هذا المثال.

وإتماما للفائدة فأولى الأقوال بتفسير الآية القول الثاني، وهو أن «الإمام» الذي يدعون به هو كتاب أعمالهم.

[وقد دلت قواعد متعددة على ترجيحه]

منها قاعدة: «القول الذي تؤيده آيات قرآنية مقدم على ما عدم ذلك» حيث جاء معنى هذا القول في آيات كثيرة، منها قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ} (١٢) [يس: ١٢] حيث سمى الكتاب إماما، ومنها قوله تعالى: {وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هذا كِتابُنا يَنْطِقُ}


(١) الدر المصون (٧/ ٣٩٠).
(٢) متفق عليه من حديث ابن عمر، البخاري، كتاب الأدب، باب ما يدعى الناس بآبائهم، انظر الصحيح مع الفتح (١٠/ ٥٧٨)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، حديث رقم (٩).
(٣) الجامع لأحكام القرآن (١٠/ ٢٩٧ - ٢٩٨)، وانظر فتح الباري (١٠/ ٥٧٩)، وأضواء البيان (٣/ ٦١٧).
(٤) أخرجه أبو داود من حديث أبي الدرداء، كتاب الأدب، باب في تغيير الأسماء (٤/ ٢٨٧)، وقال:
زكرياء لم يدرك أبا الدرداء اه‍. وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود حديث رقم (١٠٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>