للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشتركت فيه اللغات حتى كانت قبائل العرب تفهمه

فالحاصل أن الواجب في هذا المقام إجراء الفهم في الشريعة على وزان الاشتراك الجمهوري الذي يسع الأميين كما يسع غيرهم اهـ‍ (١).

٢ - ومنها أن الله - تعالى - أخبر أنه أنزل القرآن بلسان عربي مبين فقال سبحانه:

{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}

(١٩٥) [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥] فهو نزل على أفصح اللغات وأكملها وأظهرها وأبينها، فحمله على خلاف ذلك مخالفة للسانه الذي نزل به، وخروج به عن حكمة الله - تعالى - في إنزاله على هذه الفصاحة.

٣ - ومنها أن الله - تعالى - وصف هذا القرآن بالبيان والهدى والرحمة، فقال سبحانه: {وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ} (٨٩) [النحل: ٨٩] مما يدل على أنه بيّن واضح في ألفاظه ومعانيه، فيه الهدى والرحمة للمسلمين جميعا، فلا يحتاج في إدراك معانيه تكلف وعناء، ومطاردة شواذ وغرائب المعاني وهذا لا يكون إلا بحمله على أفصح الوجوه وأشهرها، وأغلبها في استعمال المخاطبين.

***

* أقوال العلماء في اعتماد القاعدة:

نص على هذه القاعدة، ورجح بها كثير من العلماء:

١ - منهم الإمام الطبري: قال - مقررا هذه القاعدة: إنما يوجه الكلام إلى الأغلب المعروف في استعمال الناس من معانيه، دون الخفي، حتى تأتي بخلاف ذلك مما يوجب صرفه إلى الخفي من معانيه حجة يجب التسليم لها من كتاب، أو خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو إجماع من أهل التأويل اهـ‍ (٢).


(١) الموافقات (٢/ ٨٥ - ٨٧).
(٢) جامع البيان (٧/ ٥٠٩) تحقيق: شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>