للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تخرج بعض صور التأكيد من هذه القاعدة، كالتأكيد المعنويّ فهو محصور في سبعة ألفاظ‍ وهي: النفس، والعين، وكلا، وكلتا، وكل، وجميع، وعامّة، فمثل هذا التأكيد لا ينازع التأسيس هنا ولا يقع في مثله الخلاف بين التأسيس والتأكيد.

ويدخل تحت التأكيد الذي أعنيه في هذه القاعدة تأكيد معنى سابق، ولو لم يكن في ذلك تكرار لأي لفظ‍ من ألفاظ‍ الجملة السابقة؛ ولكن معنى اللفظة أو الجملة المتأخرة دائر بين أن يكون مقررا ومؤكدا لمعنى سابق، أو مؤسسا ومفيدا لمعنى جديد، فالتأسيس أولى.

وهذه القاعدة من القواعد الترجيحية، ومن القواعد التفسيرية، وهي متفرّعة عن القاعدة الأصولية «إعمال الكلام أولى من إهماله» فإن كان المفسر لكتاب الله تعالى ينشئ تفسيرا فهو يستعملها في بيان معاني كلام الله، فهي في هذه الحالة تفسيرية.

وإن كان ناظرا بين أقوال المفسرين المختلفة مرجحا بينها فهي قاعدة ترجيحية.

فحديثي إذا عما وقع فيه الخلاف، أما ما لم يقع فيه خلاف، بأن كان الكلام على أصله في التأسيس، أو كان مؤكدا، ولم يدخل عليه احتمال التأسيس، ولا خلاف بين العلماء في ذلك فلا ترجيح بهذه القاعدة.

***

* أقوال العلماء في اعتماد القاعدة:

هذه القاعدة من القواعد التي استعملها عامة المفسرين مختلفين في طرق اعتمادها والتنبيه عليها، فمنهم من ينشئ تفسيره ويعتمدها كقاعدة تفسيرية، ويفسر أمثلتها بما يوافقها.

ومنهم من يرجح مضمون القاعدة، وإن لم يصرح بلفظها، ومن العلماء من يرجح بها وينص عليها مستشهدا بها على صحة ترجيحه، وكل هؤلاء يعتمدون عليها في ترجيحاتهم، فمن هؤلاء الأئمة:

١ - الإمام الطبري: فعند تفسير قوله تعالى: {وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ}

<<  <  ج: ص:  >  >>