للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثال الأول: قال سهل التستري في قول الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً} [آل عمران: ٩٦]: باطنها الرسول، يؤمن به من أثبت الله في قلبه التوحيد من الناس اهـ‍ (١).

قال الإمام الشاطبي: وهذا التفسير يحتاج إلى بيان، فإن هذا المعنى لا تعرفه العرب، ولا فيه من جهتها وضع مجازي مناسب ولا يلائمة مساق بحال اهـ‍ (٢).

المثال الثاني: قال التستري في قول الله تعالى: {وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [النساء: ٣٦]: وأمّا باطنها فالجار ذو القربي هو:

القلب، والجار الجنب: هو الطبيعة، والصاحب بالجنب هو: العقل المقتدي بالشريعة، وابن السبيل هو: الجوارح المطيعة لله اهـ‍ (٣).

وقال الإمام الشاطبي: - بعد أن ذكر معنى الآية: وغير ذلك لا تعرفه العرب، لا من آمن ولا من كفر

[إلى أن قال بعد أن ساق بعض تفاسير الصوفية للآية]: وهذا كله خارج عما تفهمه العرب، ودعوي ما لا دليل عليه في مراد الله اهـ‍ (٤).

[ثالثا: تأويلات دعاة التجديد العصري]

حاولت مدرسة التجديد التوفيق بين العلوم العصرية ونصوص القرآن الكريم، وإن كلفهم ذلك تحميل الآيات ما لا تحتمل، أو حمل القرآن على ما لا يعرف في لسان العرب الذي نزل القرآن به، أو حمل القرآن على معان ونظريات علمية، بغض النظر عن كون هذه المعاني تحتملها الألفاظ‍ أو لا؟ وتعرفها العرب من لسانها أو لا؟

- ومن ذلك تجويز محمد عبده وأتباعه تأويل «الطير الأبابيل» التي رمت أصحاب


(١) تفسير القرآن العظيم له ص ٢٧.
(٢) الموافقات (٣/ ٤٠١).
(٣) تفسير القرآن العظيم له ص ٣٠.
(٤) الموافقات (٣/ ٤٠٢ - ٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>