للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقه ولا كذبه - شيء، وذكر ذلك في تفسير القرآن، وجعله قولا أو رواية في معنى الآيات، أو في تعيين ما لم يعين فيها، أو في تفصيل ما اجمل فيها - شيء آخر؛ لأن في إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله ما يوهم أنّ هذا الذي لا نعرف صدقه ولا كذبه مبيّن لمعنى قول الله - سبحانه -، ومفصّل لما أجمل فيه، وحاشا لله ولكتابه من ذلك.

وإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ أذن بالتحدث عنهم - أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم.

فأيّ تصديق لرواياتهم وأقاويلهم أقوى من أن نقرنها بكتاب الله ونضعها منه موضع التفسير أو البيان؟ اللهم غفرا. اهـ‍ (١) وبهذا التحرير يعلم أن جميع أقسام الإسرائيليات لا يصح تفسير القرآن بها.

ويدخل تحت هذه القاعدة كل تفسير لأمر غيبي - ولو لم يكن من الإسرائيليات - ليس عليه دليل من القرآن أو السنة.

***

* أقوال العلماء في اعتماد القاعدة:

أقوال العلماء في اعتماد هذه القاعدة كثيرة جدا، فمنها:

١ - قول الإمام الطبري في معرض تقريره لهذه القاعدة في تفسير قول الله تعالى:

{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: ٢٠].

فبعد أن ذكر أقوال المفسرين في مبلغ هذه الدراهم قال: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله - تعالى - ذكره أخبر أنهم باعوه بدراهم معدودة غير موزونة، ولم يحدّ مبلغ ذلك بوزن ولا عدد، ولا وضع عليه دلالة من كتاب، ولا خبر من الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقد يحتمل أن يكون كان عشرين، ويحتمل أن يكون كان اثنين وعشرين، وأن يكون كان أربعين، وأقل من ذلك وأكثر، وأيّ ذلك كان فإنها كانت معدودة غير موزونة، وليس في العلم بمبلغ وزن ذلك فائدة تقع في دين، ولا


(١) عمدة التفسير (١/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>