للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطبق ذلك عمليا في كتابه في مواضع كثيرة جدا، سوف ترى - بإذن الله - جملة وافرة منها في الأمثلة التطبيقية على هذه القاعدة.

***

* الأمثلة التطبيقية على القاعدة:

١ - منها: ما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ} [الأحزاب: ٣٧].

اختلف المفسرون في الذي أخفاه النبي صلّى الله عليه وسلّم في نفسه.

فقيل: هو وقوع زينب (١) في قلبه ومحبته لها وهي في عصمة زيد (٢)، وكان حريصا على أن يطلقها زيد فيتزوجها هو. ومستندهم في ذلك روايات عن قتادة (٣)، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم مضمونها، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أتى زيدا ذات يوم لحاجة، فأبصر زينب فوقعت في قلبه وأعجبه حسنها فقال: «سبحان الله مقلب القلوب وانصرف».

وتناقل هذه الروايات كثير من المفسرين.

وقال أهل التحقيق: إن الذي أخفاه النبي صلّى الله عليه وسلّم هو زواجه من زينب بعد أن يطلقها زيد. فعاتبه الله على قوله لزيد: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} بعد أن أعلمه الله أنها ستكون زوجه، وأنه ما فعل ذلك إلا خشية أن يقول الناس تزوج امرأة ابنه.


(١) زينب بت جحش الأسدية، أم المؤمنين، تزوجها النبي صلّى الله عليه وسلّم سنة ثلاث، وقيل خمس، وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة، ماتت سنة عشرين. انظر الإصابة (٨/ ٩٢).
(٢) زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، وكان يدعى زيد بن محمد حتى نزلت اُدْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ لم يسم الله في كتابه صحابيا باسمه إلا زيد بن حارثة. استشهد في غزوة مؤتة وهو أمير الجيش سنة ثمان. الإصابة (٣/ ٢٤).
(٣) هو: ابن دعامة السدوسي، الحافظ‍ العلامة، المفسر، كان ضريرا، ولا يسمع شيئا إلا حفظه روى «تفسيره» عن شيبان بن عبد الرحمن التميمي، مات بالطاعون في سنة ثماني عشرة ومائة وقيل غير ذلك. سير أعلام النبلاء (٥/ ٢٩٦) وطبقات المفسرين (٢/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>