للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمين من وجه (١)، فالحامل المتوفى عنها زوجها تدخل تحت عموم الآيتين، ومن قال بأنها تعتد بآخر الأجلين أراد الجمع بين الآيتين، فهي إذا قضت أقصى الأجلين فقد عملت بمقتضى الآيتين (٢).

[والجواب عن هذا من وجوه]

أحدها: أنه لا عموم في آية البقرة؛ إذ لفظ‍ «أزواجا» نكرة والجمع المنكّر لا يفيد العموم عند أكثر العلماء (٣)، وبقى عموم آية {وَأُولاتُ الْأَحْمالِ} [الطلاق: ٤]، ولا مخصص له، فوجب حملها على العموم، فسقطت بهذا دعوى التعارض بين الأعمين في الآيتين.

الثاني: على القول بأن الجموع المنكرة تفيد العموم، فإن عموم آية البقرة دخله تخصيص، وهو في حالة تمادي حمل الحامل أكثر من أربعة أشهر وعشرا فإنها تتربص حتى تضع، ولا ينتهي أجلها إلا بوضع الحمل إجماعا.

إذا تقرر هذا فعموم آية البقرة مخصوص، وعموم آية سورة الطلاق غير مخصوص، والعموم الذي لم يدخله التخصيص مقدم (٤).

الثالث: على القول بأن الجموع المنكرة تفيد العموم، وبعدم وجود المخصص لآية البقرة يظهر التعارض بين الأعمين، فيرجح بينهما، والراجح يخصّص به عموم المرجوح.

إذا تقرر هذا فالراجح عموم آية سورة الطلاق وذلك لحديث سبيعة الأسلمية الآنف الذكر، فإنه في موضع النزاع، فالرسول صلّى الله عليه وسلم جعل عدّتها وضع الحمل، فتبين أن آية سورة الطلاق محمولة على عمومها في المطلقة والمتوفى عنها زوجها.


(١) انظر أضواء البيان (١/ ٢٨٠).
(٢) انظر الجامع لأحكام القرآن (٣/ ١٧٥)، وزاد المعاد (٥/ ٥٩٧ - ٥٩٨).
(٣) انظر تلقيح الفهوم ص ٣٤٨، وشرح الكوكب (٣/ ١٤٢)، وأضواء البيان (١/ ٢٨٠).
(٤) انظر زاد المعاد (٥/ ٥٩٦)، والجامع لأحكام القرآن (٣/ ١٧٦)، وانظر شرح الكوكب (٤/ ٦٧٤ - ٦٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>