للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام الطبري: والصواب من القول في ذلك أنه عامّ في المطلقات والمتوفى عنهنّ؛ لأن الله - جلّ وعزّ -، عمّ بقوله ذلك فقال: {وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ،} ولم يخص بذلك الخبر عن مطلقة دون متوفى عنها، بل عمّ الخبر به عن جميع أولات الأحمال، إن ظنّ ظانّ أن قوله: {وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} في سياق الخبر عن أحكام المطلقات دون المتوفى عنهنّ، فهو بالخبر عن حكم المطلقة أولى بالخبر عنهنّ، وعن المتوفى عنهنّ، فإن الأمر بخلاف ما ظنّ؛ وذلك أن ذلك وإن كان في سياق الخبر عن أحكام المطلقات، فإنه منقطع عن الخبر عن أحكام المطلقات، بل هو مبتدأ عن أحكام عدد جميع أولات الأحمال المطلقات منهنّ وغير المطلقات، ولا دلالة على أنه مراد به بعض الحوامل دون بعض من خبر ولا عقل، فهو على عمومه لما بيّنا اهـ‍ (١).

ويؤيد هذه القاعدة فيما رجحته قاعدة: «إذ ثبت الحديث، وكان في معنى أحد الأقوال فهو مرجّح له على ما خالفه».

وقد ثبت في الصحيحين أن زوج سبيعة الأسلمية (٢) قتل وهي حبلى، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة، فخطبت، فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣).

وهذا الحديث فصل الخطاب في موضع النزاع.

ومن العلماء من جعل هذه الآية وقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة: ٢٣٤] من تعارض


(١) انظر جامع البيان (٢٨/ ١٤٤).
(٢) هي: سبيعة بنت الحارث الأسلمية، ثبتت قصتها في الصحيحين وغيرهما، يروى عنها عبد الله بن عمر على خلف فيه، ومسروق بن الأجدع وآخرون، انظر الإصابة (٨/ ٣).
(٣) متفق عليه، البخاري، كتاب التفسير، سورة الطلاق، باب وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤) انظر الصحيح مع الفتح (٨/ ٥٢١) ومسلم، كتاب الطلاق، حديث رقم (٥٦ - ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>