للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أن مراده ما دلّ عليه ظاهر كلامه، دون ما يحتمله باطنه من إضمار ما لم يجعل للسامع عليه دليلا، ولا له إلى معرفته سبيلا … اه‍ (١).

***

* أقوال العلماء في اعتماد القاعدة:

هذه القاعدة من القواعد التي اعتمدها المفسرون والأصوليون، وهي قاعدة لغوية معروفة قد نبّه علماء العربية عليها، واستعملها أئمة التفسير في الترجيح بين الأقوال المختلفة في التفسير فمن هؤلاء الأئمة:

١ - الإمام الطبري: ففي معرض ردّه على من ادعى التقدير في قوله تعالى:

{وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} [البقرة: ٢٤٤] أي: وقال لهم، قال: وذلك إنما يجوز في الموضع الذي يدل ظاهر الكلام على حاجته إليه، ويفهم السامع أنه مراد به الكلام وإن لم يذكر، فأمّا في الأماكن التي لا دلالة على حاجة الكلام إليه، فلا وجه لدعوى مدع أنه مراد فيها اهـ‍ (٢).

٢ - ومنهم الفخر الرازي: فقد ذكر هذه القاعدة، ورجح بها، فصحح أقوالا وضعّف أخرى، ونص على أن الإضمار خلاف الأصل (٣).

٣ - ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: قال - في معرض ردّه على من ادعى إضمار استفهام في قوله تعالى: {وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩] أي:

أفمن نفسك؟ -: قلت: وإضمار الاستفهام - إذا دل عليه الكلام - لا يقتضي جواز إضماره في الخير المخصوص من غير دلالة، فإن هذا يناقض المقصود، ويستلزم أن كل من أراد أن ينفي ما أخبر الله به يقدر أن ينفيه، بأن يقدر في خبره استفهاما، ويجعله استفهام إنكار اهـ‍ (٤).


(١) الصواعق المرسلة (٢/ ٧١٣ - ٧١٤).
(٢) جامع البيان (٢/ ٥٩٢) وانظر نحو هذا التقرير في (١٧/ ٧٩) منه.
(٣) انظر مفاتيح الغيب (٢/ ١٣٠)، (٢٩/ ٢٥٩).
(٤) مجموع الفتاوى (١٤/ ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>