للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب السادس عشر:

قاعدة: العبرة بعموم اللفظ‍ لا بخصوص السبب

* صورة القاعدة:

إذا صح للآية سبب نزول، وجاءت ألفاظها أعم من سبب نزولها، ومستقلا بنفسه إن كان جواب سؤال - أي يصح الابتداء به ويكون تاما مفيدا للعموم (١) - واختلف العلماء فيها، فمنهم من جعلها قاصرة على سبب نزولها لا تتعداه إلى ما سواه، وآخرون حملوها على عموم ألفاظها، شاملة لأفراد السبب، ولأفراد غيره مما شابهه، فالقول الحق هو قول من حملها على عموم ألفاظها ولم يقصرها على سبب نزولها، بل تتعداه إلى غيره مما ينطبق عليه لفظ‍ الآية. ما لم يدل دليل على تخصيص عموم اللفظ‍ (٢)، «وما لم تكن هناك قرينة تعميم، فإن كانت، فالقول بالتعميم ظاهر كل الظهور، بل لا ينبغي أن يكون في التعميم خلاف» (٣).

***

* أدلة القاعدة:

أولا: قرر هذه القاعدة النبي صلى الله عليه وسلم، وبين للأمة أن العبرة بعموم الألفاظ‍ لا بخصوص الأسباب، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - «أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنز الله: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} [هود: ١١٤].


(١) البحر المحيط‍ للزركشي (٣/ ١٩٨).
(٢) انظر البحر المحيط‍ للزركشي (٣/ ٢١٢).
(٣) الأشباه والنظائر، لابن السبكي (٢/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>