للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرّف البلاغيون القلب بأنه: جعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر، والآخر مكانة (١)، على وجه يثبت حكم كل منهما للآخر (٢).

ويلحظ‍ من هذا أن بين المعنى اللغوي للقلب والمعنى الاصطلاحي تقاربا كبيرا حيث هو في اللغة ردّ الشيء من جهة إلى جهة وفي الاصطلاح ردّ أحد أجزاء الكلام من مكان إلى مكان، فهما يشتركان في أنه وضع الشيء على غير وجهة الذي هو عليه في الأصل، سواء أكان هذا في الجملة الواحدة بتغير ترتيبها مع أخذ كل جزء منها حكم الآخر أم كان القلب في استعمال ألفاظ‍ على غير وضعها وغرضها، لغرض ما.

وقولهم: «على وجه يثبت حكم كل منهما للآخر» ليخرج به نحو في الدار زيد وضرب عمرا زيد بتقديم المفعول، فإن كلا - ولو جعل في محل الآخر - باق على حكمه (٣) فهذا القيد هو الذي أخرج التقديم والتأخير؛ لأنه وإن كان فيه قلب بجعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر غير أن كلا منهما باق على حكمه، ولذلك أفردته في قاعدة مستقلة.

وهذا هو الفرق بين أمثلة قاعدة التقديم والتأخير وقلب الإسناد في هذه القاعدة.

***

* أنواع القلب:

القلب يكون في الكلمة الواحدة، ويكون في الجملة، فالقلب في الكلمة هو عبارة عن تقليب بعض حروف الكلمة تقديما وتأخيرا، كقولهم: «جبذ وجذب» (٤) وقد تكلم على هذا علماء اللغة وأفرده بعضهم بالتأليف (٥).


(١) كتاب المطول للتفنازاني ص ١٣٧.
(٢) انظر شروح التلخيص (١/ ٤٨٧)، وشرح الإيضاح في علوم البلاغة لمحمد الخفاجي (٢/ ٩٧).
(٣) مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح، انظره في شروح التلخيص (١/ ٤٨٧).
(٤) انظر جامع البيان (١/ ٤٤٥) ط‍. شاكر.
(٥) ذكر السيوطي في المزهر (١/ ٤٧٦) أن ابن السكّيت ألف كتابا في هذا النوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>