للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الموضع.

إذا تقرر هذا، فما الأدلة التي تدل على إعادة الضمير إلى البعيد دون القريب خلافا للقاعدة؟

[من هذه الأدلة]

١ - القرينة في السياق: فإذا دلت القرينة على تعيين مفسر الضمير صير إليها، ووجب النزول على ما تقضيه؛ إذ عليها وحدها المعوّل، وهي القول الفصل في الإيضاح هنا (١). فقد تدل القرينة على إعادته على البعيد، أو القريب، أو المحدث عنه، أو غير المحدث عنه، ففي كل هي المعتمدة في تعيين مفسر الضمير، هذا إذا وجدت، فإذا لم توجد قرينة عمل بالقواعد السابقة في ترجيح أولى الأقوال في تعيين مفسر الضمير عند تردده بين أكثر من مرجع وهذا الدليل هو مضمون القاعدة الترجيحية:

«القول الذي تؤيده قرائن في السياق مرجّح على ما خالفه».

٢ - ومن هذه الأدلة، سياق الجمل المذكورة قبل الضمير المختلف فيه وبعده، فهي تدل على تعيين أو ترجيح مرجع الضمير، فإذا كان سياق الجمل قبل وبعد الضمير عن شيء واحد، واحتمل الضمير رجوعه إليه - وكان بعيدا -، ورجوعه إلى القريب، فرجوعه إلى البعيد في هذه الحالة أرجح. وهذا الدليل هو مضمون قاعدة: «إعادة الضمير إلى المحدث عنه أولى … » وقاعدة: «توحيد مرجع الضمائر في السياق الواحد أولى .. ».

قال السيوطي: الأصل تقديم مفسر الغائب، ولا يكون غير الأقرب إلا بدليل. ثم شرع في شرح هذا بقوله: … وأن يكون الأقرب نحو لقيت زيدا وعمرا يضحك فضمير يضحك عائد على عمرو ولا يعود على زيد إلا بدليل، كما في قوله تعالى:

{وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ} [العنكبوت: ٢٧]، فضمير «ذريته» عائد على «إبراهيم» وهو غير الأقرب؛ لأنه المحدث عنه من أول


(١) النحو الوافي (١/ ٢٥٦ - ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>