للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ما يقيد به المطلق:

المطلق والمقيد، كالعام والخاص في هذا الجانب، فكل ما يخصص العام فهو يقيد المطلق، فيقيد مطلق الكتاب بمقيده، وبالسنة المتواترة، وبالإجماع. وما اختلف فيه في تخصيص العام وهو كذلك مختلف فيه هنا كخبر الآحاد والمفهوم وهو يقيد المطلق على الصحيح (١).

* حالات المطلق مع المقيد:

إذا ورد اللفظ‍ مطلقا في نص ومقيدا في نص آخر فله أربع حالات:

الأولى: أن يتحدا في الحكم والسبب معا، كتحريم الدم، فإنه ورد مقيدا في سورة الأنعام بكونه مسفوحا في قوله تعالى: {إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً}

[الأنعام: ١٤٥]، ومطلقا عن هذا القيد في سورة البقرة في قوله تعالى: {إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} [البقرة: ١٧٣]، وفي سورة المائدة في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: ٣]، وفي سورة النحل في قوله تعالى: {إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} [النحل: ١١٥] وفي هذه الحالة يحمل المطلق على المقيد عند الأئمة الأربعة، وحكي الإجماع على ذلك.

الثانية: أن يختلفا في الحكم والسبب معا، كلفظ‍ «اليد» جاءت مطلقة في السرقة في قول الله تعالى: {وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} [المائدة: ٣٨]، وقيدت في آية الوضوء بالمرفقين في قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ}

[المائدة: ٦]. فالسبب مختلف فيهما فهو في المطلق السرقة، وفي المقيد الصلاة، والحكم مختلف كذلك ففي المطلق القطع، وفي المقيد الغسل. ففي مثل هذه الحالة لا يحمل المطلق على المقيد إجماعا.

الثالثة: أن يتحدا في الحكم، ويختلفا في السبب، مثل الرقبة جاءت مطلقة في كفارة


(١) انظر نشر البنود (١/ ٢٦٠)، والتعارض والترجيح البرزنجي (٢/ ٣٨ - ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>